عنوان الفتوى : الانشغال بالعمل ليس عذرا يبيح تأخير الصلاة
تفوتني الصلاة بسبب العمل الكثير فكيف أتفادى هذه المشكلة وأصلي في مواعيدها، فمشكلتي لو فاتني وقت لم أصله، وأصلي الذي بعده، مثلاً يفوتني الظهر ويأتي موعد العصر أصلي العصر حاضراً ولا أصلي الظهر، لأنني أكون عنده في العمل، فما العمل بالله عليكم؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها يعد من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5}، قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم من السلف: يؤخرونها عن وقتها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا... قال ابن مسعود ومجاهد وجماعة: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها.
وإذا قدر أن شخصاً ضعف ووقع في المعصية فأخرها عن وقتها وجبت عليه التوبة من ذلك الذنب، ووجب عليه قضاؤها، ولا تبرأ ذمته إلا بذلك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 53135.
وأما الانشغال بالعمل فليس عذراً مبيحاً لتأخير الصلاة عن وقتها أو إضاعتها، والواجب على المسلم أن يكون كمن قال الله تعالى فيهم: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {النور:36-37}، والرزق بيد الله فمن اتقى الله عز وجل رزقه من حيث لا يحتسب، وهيأ له السبل المعينة له على ذلك، واسمع إلى قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {الجمعة:9-10-11}.
فاتقي الله تعالى، وقومي بحصر ما فاتك من الصلوات واقضيها، وحافظي على الصلاة في وقتها في المستقبل، فالدنيا دار غرور والدار الباقية الأبدية التي فيها السعادة للمسلم هي الآخرة، فلا يخدعنك الشيطان والنفس فتكوني من الهالكين، ووقت الصلاة قصير. وإذا كان العمل الذي تزاولينه لا يمكنك من الصلاة فاستبدليه بغيره وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها وتستوعب، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم في الحلية وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.