عنوان الفتوى : حكم إنشاء صحيفة إعلانات

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما هو حكم صنع جريدة خاصة بالإعلانات التجارية ، مثل : طلب عمل ، بيع شقق ، بيع سيارات ، التعريف ببعض المؤسسات ...إلخ ، وإعلانات تجارية لبعض المؤسسات ؟ وإذا كان الأمر جائزاً فما هي الضوابط الشرعية التي يجب الالتزام بها مثلا في اختيار المؤسسات والإعلانات ونوعها ؟ والضوابط في أخذ مال من الشركات ، أو من الراغبين في وضع إعلان في الجريدة ؟ مع العلم أني سأكون أنا المشرف عليها مع بعض أصحابي ، بحيث يمكننا اختيار الإعلانات التي توضع في الجريدة .

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

الحمد لله.


تنتشر المخالفات الشرعية في كثير من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية ، وقد بينَّا بعض هذه المخالفات ، وحكم العمل في تلك الصحف ، وحكم بيعها في جوابي السؤالين ( 89737 ) و ( 82704 ) ، فلينظرا .
وأما بخصوص الصحف الخاصة بنشر الإعلانات : فإن الأصل في إنشائها وتوزيعها الحل والإباحة ، لكنَّ هذه الإباحة لها ضوابط وشروط ، ويجمعها : تجنب الإعلانات المخالفة للشرع ، ومن ذلك :
1. تجنب إعلانات السياحة والفساد .
والإعلان عن أماكن السياحة التي يوجد فيها محرمات مثل الخمور والاختلاط وكشف العورات على الشواطئ والملاعب : كل ذلك يدخل في التعاون على الإثم والعدوان ، ويدخل في حب إشاعة الفاحشة .
قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النور/19 .
2. تجنب إعلانات مؤسسات الربا والميسر والكسب المحرَّم ، مثل الدعاية والإعلان للبنوك الربوية ، وشركات التأمين ، ومصانع ومحلات تبيع المنكرات .
3. تحنب إعلانات الأعياد البدعية والمشابهة للكفار ، كالإعلان عن الاحتفال بالمولد النبوي ، أو ليلة النصف من شعبان ، أو الإعلان عن أعياد ميلاد الأشخاص.
4. تجنب وضع صور النساء ، وصور ذوات الأرواح المرسومة باليد .
5. تجنب الإعلانات عن مؤتمرات تعقد فيها ندوات تخالف الشرع أو تحاربه .
6. تجنب إعلانات المدح والثناء للميت ، وخاصة إن كان غير مسلم .
وهذه بعض الفتاوى في الإعلان عن بعض تلك المحاذير :
1. سئل علماء اللجنة الدائمة :
من الناس من يعمل في توزيع الإعلانات على البيوت ، أي : يضع الإعلان أمام الباب ، هذه الإعلانات كل محل له ورقة منفصلة ، فهناك إعلانات عن محل لبيع الأحذية ، ومحل لبيع الموبيليا ، ولكن هناك إعلانات عن محلات المواد الغذائية ، وهذا إعلان يعرض معظم ما لديه ، فيعرض بجانب السكر والأرز يعرض الخمور، أو يعرض لحوم البقر والخرفان ، ولحوم الخنزير ، فما الحكم في توزيع هذه الإعلانات ؟ بعض الناس يوزعون الإعلانات التي تحتوي على مواد غذائية ، أما الإعلانات التي يكون داخل فيها الخمر والخنزير فيلقونها في الزبالة بدون أن يدري صاحب الإعلان ، ولكن يحاسبونه عليه اعتبارا أنه وزعها ، فما حكم المال ؟ بعض علماء أوربا قالوا : إن الخمر والخنزير حلال في شريعة هؤلاء ، فهل معنى ذلك أننا نعمل في محلات الخمر والخنزير ، فما رد فضيلتكم على هذا الكلام ؟
فأجابوا :
"يحرم على المسلمين بيع الخمر والخنزير، ولا يحل لهم التعاون مع غيرهم في ترويج المحرم : بتسويقه ، أو الدعاية له ، أو الإعلان عنه ، أو إلصاق الإعلانات عنه على المنازل ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله جل شأنه : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ، والمبالغ التي يأخذها الأجير مقابل إلصاق الإعلان عن المحرم لا تجوز ، ولو رمى الإعلان عن المحرم ولم يلصقه لا يحل له المال ؛ لأنه من أكل المال بالباطل" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 429 ، 430 ) .
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً - :
رجل يعمل صحفيّاً في جريدة بمصر ويكتب أخباراً ، ويعمل إعلانات يدفعون الأجر فيها تأييداً لمن يحاد الله ورسوله ، وبالنسبة للإعلانات يقوم بدور الوسيط بين الجريدة وبين العامة ، يذهب للناس ( مثلا التجار ) يحثهم على عمل إعلانات ، فيقومون بدفع الثمن لهذه الإعلانات بمحض اختيارهم ، كي تنشر أسماء متاجرهم في الجريدة ، وهذا نوع من أنواع الدعاية ، ثم يؤيدون فيها الطاغوت ، ومن جرَّاء هذا له نسبة معينة من أجر الإعلان ، فيأخذ مالاً ، فهل هذا المال حلال أم حرام ؟ وإذا كان هذا المال حراماً فهل يجوز لي أن آكل منه كابن لهذا الرجل ، وكذلك باقي إخوتي ؟ علماً بأن له دخلاً آخر من عمل حكومي وظيفي ، وهل المال الذي يأخذه من وظيفة الحكومة جائز ؟ .
فأجابوا :
"أولاً : العمل من أجل خدمة من يحاد الله ورسوله لا يجوز ؛ لأنه تعاون معهم على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عباده عنه بقوله : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) .
ثانياً :
ما كسب من المال بسبب التعاون معهم في شرهم حرام .
ثالثاً : إذا كان مال أبيك الذي كسبه من أجل العمل مع من يحاد الله ورسوله متميزا عما كسبه من وظيفته الأخرى أو غيرها من الطرق المباحة : فلا يجوز لك أن تأكل أنت ولا إخوانك منه ، وإن كان غير متميز جاز لك على القول الصحيح من أقوال العلماء أن تأكل منه ، وتركه احتياطا أولى ، سيما إن كان الحرام هو الأكثر" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 102 ، 103 ) .
3. وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
إعلانات التعازي في الصحف والشكر على التعزية والإعلان عن وفاة شخص ، ما رأي الشريعة في ذلك ؟ .
فأجاب :
"الإعلان في الصحف عن وفاة شخص إذا كان لغرض صحيح وهو أن يعلم الناس بوفاته فيحضروا للصلاة عليه وتشييعه والدعاء له ، وليعلم من كان له على الميت دين أو حق حتى يطالب به أو يسامحه : فالإعلان لأجل هذه الأغراض لا بأس به ، ولكن لا يبالغ في كيفية نشر الإعلان من احتجاز صفحة كاملة من الصحيفة ؛ لأن ذلك يستنفذ مالاً كثيراً لا داعي إليه ، ولا تجوز كتابة هذه الآية التي اعتاد كثير من الناس كتابتها في الإعلان عن الوفاة وهي قوله تعالى : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي ) الفجر/ 27 - 30 ؛ لأن هذا فيه تزكية للميت ، وحكم بأنه من أهل الجنة ، وهذا لا يجوز ؛ لأنه تقوُّل على الله سبحانه ، وشبه ادعاء لعلم الغيب ؛ إذ لا يُحكم لأحد معين بالجنة إلا بدليل من الكتاب والسنة ، وإنما يرجى للمؤمن الخير ، ولا يجزم له بذلك" انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 2 / 159 ) .
والخلاصة :
أنه ينبغي عليكم تجنب الإعلان والدعاية للمحرمات والمخالفات الشرعية ، وما عداه فيجوز لكم الدعاية له والإعلان عنه .
أما أخذ الأموال من الشركات أو الأشخاص الذين يريدون الإعلان عندكم فلا حرج فيه ، ما دام الإعلان ليس فيه محرم ، وتم العقد بينكم بالتراضي .
والله أعلم