عنوان الفتوى : حكم من ركب البحر ومات في ما يسمى (بالهجرة السرية)
كيف تعتبر وفاة شخص قام بالهجرة السرية من بلاده نحو بلاد أخرى ثم توفي في البحر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في ركوب المراكب البحرية هو الجواز إذا كانت السلامة غالبة، وكانت وجهة السفر من الوجهات التي أذن الشرع في السفر إليها.
ولا شك أن أيا من الشرطين لا يتوفر الآن فيما يسمى بالهجرة السرية، فلا السلامة غالبة، ولا الوجهة يجوز السفر إليها إلا في نطاق ضيق، فإذا نظرنا إلى ما يحف بهذه الهجرة من المخاطر والتعرض للمطاردات التي قد تنتهي في أحيان كثيرة بغرق هؤلاء المهاجرين، أو بإلقاء القبض عليهم والزج بهم في السجون وغير ذلك من الإهانة، رأينا أنها تتنافى مع ما اتفقت عليه جميع الأديان السماوية من وجوب حفظ النفس، كما أنها تؤدي إلى الاستسلام للكفرة، وإذلال النفس لهم، والمسلم لا يجوز له أن يذل نفسه، وقد أعزه الله تعالى، كما قال: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) [المنافقون:8].
يضاف إلى ذلك أن هذه الهجرة غالباً ما تكون إلى بلاد الكفر، وقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم من المسلم الذي يقيم بين أظهر المشركين، كما في سنن أبي داود والترمذي.
والحاصل أن من أقحم نفسه في البحر مهاجراً على نحو ما ذكر، فقد عرض نفسه للتهلكة، وإن مات مات في سفر معصية، وأقل أحواله أن يكون آثماً معرضاً نفسه لما يجب عليه حفظها وصيانتها منه.
والله تعالى أعلم.