عنوان الفتوى : الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الحديث
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفيأما بعد: نرجو الإجابة على هذين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الاختلاف راجع إلى ما وقف عليه كل عالم من أحوال الرواة، وطرق الحديث، وشواهده ومتابعاته، فقد يقف العالم المعاصر على ما غاب عن غيره من المتقدمين لتيسر سبل البحث والتحقيق، وسهولة الاطلاع على معظم مصادر السنة، وقد يقف على ما يراه قد غاب عن المتقدم، والواقع أن العالم المتقدم قد اطلع عليه، ولم يره صالحاً.
وقد يرجع ذلك إلى الاختلاف في بعض قواعد الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف. كأن يرى أحدهم تحسين الحديث بتعدد الطرق، ولا يرى ذلك الآخر، وكاختلافهم في ضابط الحكم على الحديث بالشذوذ وغير ذلك.
ولا شك أن حذاق هذا الفن، كالبخاري وابن المديني وأبي زرعة، وأبي حاتم إذا اتفقوا على ضعف حديث، أو اتفق اثنان منهم على ذلك، أو على وجود الشذوذ أو العلة، فإن تصحيح المتأخر للحديث حينئذ يغلب عليه الخطأ.
وأمام هذا الاختلاف، فمن كان متقنا لهذا العلم، عارفا بدقائقه، أمكنه أن يرجح بين الأقوال، سواء في أصول هذه المسائل، أو في تطبيقاتها العملية.
ومن لم يكن كذلك، فإنه يسعه أن يقلد عالماً موثوقاً عنده في هذا الفن، ولا شك أن المتقدمين أولى بالتقليد لقرب المنبع، وسعة الإطلاع، وقوة الإدراك.
والله أعلم.