عنوان الفتوى : يقيم في أوربا والمسجد بعيد عنه فهل يصلي في بيته ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت جوابكم على سؤال رقم (72895) وفيه وجوب صلاة الجماعة . وسؤالي نحن المسلمين المقيمين في أوروبا لا تتوفر لنا المساجد كما هو الأمر في البلاد الإسلامية ففي المدينة المترامية الأطراف لا تجد في أغلب الأحيان أكثر من مسجد واحد والوصول إليه يحتاج إلى وقت طويل ورفع الأذان بطبيعة الحال ممنوع أي أنه لا يسمع النداء على كل الأحوال مهما كانت المسافة بعيدة أو قريبة فما هو حكمنا إذا تركنا الصلاة في الجماعة بالمسجد ؟ وما هو دليل وجوبها بحقنا لانتفاء شرط سماع النداء ؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا :

صلاة الجماعة واجبة على كل رجل بالغ مستطيع يسمع النداء .

والمقصود بسماع النداء : أن يسمع الإنسان الأذان بالصوت المعتاد من غير مكبرٍ للصوت ، مع رفع المؤذن صوته ، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع. وانظر السؤال رقم (20655) .

وعلى هذا ، لا يجب عليكم حضور الجماعة في المسجد إذا كان بعيداً عنكم .

هذا بالنسبة للصلوات الخمس مع الجماعة ، وأما الجمعة فلها شأن آخر ، فإنها تجب على كل من كان في المدينة أو القرية التي تقام فيها الجمعة ، سواء سمع النداء أم لم يسمع ، مهما ترامت أطراف البلد ، وهذا بإجماع العلماء .

قال النووي رحمه الله : " قال الشافعي والأصحاب : إذا كان في البلد أربعون فصاعدا من أهل الكمال ، وجب الجمعة على كل من فيه وإن اتسعت خطة البلد فراسخ ، وسواء سمع النداء أم لا . وهذا مجمع عليه " انتهى من المجموع" (4/353).

ثانيا :

من لم تجب عليه الجماعة ، لبعده عن المسجد ، فإن الأمر يبقى مستحبا في حقه ، وينبغي أن يحرص على التردد على المسجد المرة بعد الأخرى ، لا سيما إذا كان يعيش بعيدا عن المسلمين ، ففي لقائه بالمسلمين ، تجديد لإيمانه ، ورفع لدرجاته ، وتعميق لأواصر الأخوة والمودة ، وتعويد لأبنائه على حب المسجد وتعظيمه ، هذا مع السعي لبناء المساجد وتكثيرها ، والتعاون على ذلك ، ومن الملاحظ أن البلاد الأوربية تتفاوت في هذه المسألة تفاوتا ظاهرا ، وهذا يرجع إلى عوامل كثيرة ، يدخل فيها أحيانا ضعف همة البعض ، وتخاذلهم وانشغالهم عن هذه القضية الكبيرة وعن السعي لإيجاد السبل والحلول لها .

ولا يخفى عليك ما في السعي إلى المساجد - مهما بعدت المسافة - من الأجر العظيم ، والثواب الكبير ، وقد روى مسلم (654) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) .

كما ينبغي الحرص على إقامة الجماعة في البيت ، أو مع الجيران ، في حال عدم الذهاب إلى المسجد ، ومن وسائل ذلك الحرص على اجتماع العوائل المسلمة في منازل متقاربة ، وحينئذ يحرص الجميع على أداء الصلاة جماعة في وقتها ، وتبقى لهذه الشعيرة العظيمة مكانتها في القلوب .

نسأل الله أن يزيدكم إيمانا وهدى وتقى ، وأن يعينكم على حمل رسالة الإسلام ونشرها .

والله أعلم .