عنوان الفتوى : نصيحة وتوجيه للآباء وبيان واجبهم في تربية أبنائهم
أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين هو: (خ. ن. ج) أخونا يقول: ألاحظ يا سماحة الشيخ! أن هناك كثيراً من الآباء قد أهملوا تربية أبنائهم مما أعاد عليهم بأمور سيئة للغاية، لذلك فإني أطلب من سماحتكم أن تتفضلوا بتوجيه الآباء كيما يهتموا كثيراً بأبنائهم ولا سيما في هذا الزمان جزاكم الله خيراً؟ play max volume
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الذي ذكره السائل جدير بالعناية؛ لأن مراعاة الأولاد ذكوراً وإناثاً والعناية بهم وتربيتهم الإسلامية أمر من أهم المهمات، يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والأمير -الذي على الناس- راع ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، ثم قال: ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته خرجه الإمام البخاري في الصحيح وغيره.
فهذا الحديث العظيم يدل على وجوب العناية بالرعية، وأعظم مسئول في ذلك الإمام الذي على الناس، وهو أمير المسلمين وسلطانهم، يجب عليه أن يرعاهم من كل ما فيه صلاحهم، وسلامة دينهم ودنياهم، والعناية بكل ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، حسب الطاقة والإمكان، وأعظم ذلك العناية في الدين، حتى يستقيموا عليه، وحتى يلتزموا به، وذلك بأداء الواجبات وترك المحارم، كما يجب على كل وال على الناس أن يحكم فيهم شريعة الله، وأن يلزمهم بشرع الله، وألا يحكم فيهم غير شرع الله، وهو مسئول عن ذلك كما قال جل وعلا: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر:92] عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:93]، وكما في هذا الحديث الصحيح: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع ومسئول عن رعيته نسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين لكل ما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين جميعاً.
وهكذا كل إنسان مسئول عن أهل بيته، فالأب مسئول عن أولاده، والأم مسئولة عن أولادها، من جهة تربيتهم الإسلامية، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر وإلزامهم بالحق، وتركهم ما خالف شرع الله ومن ذلك أمر الصلاة، فإنها عمود الإسلام، فالواجب على الأب أن يعتني بأولاده وهكذا الأم، حتى يستقيموا على الصلاة وحتى يحافظوا عليها في بيوت الله مع المسلمين، يقول الله : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] ويقول سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] والوالدان داخلان في هذا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].
والعناية بأمر الصلاة من أسباب الوقاية من النار، للوالد والولد جميعاً، وقال تعالى يخاطب نبيه عليه الصلاة والسلام: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] ويقول عليه الصلاة والسلام: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.
فالولد ذكراً كان أو أنثى يؤمر بالصلاة إذا بلغ سبعاً، ويضرب عليها إذا بلغ عشراً؛ لأنه بهذا قد ناهز الاحتلام وقارب، وإذا بلغ وجبت عليه عيناً وفرضاً واستحق بذلك إذا تركها أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي الأمر، فالأمر عظيم، فالواجب على الآباء والأمهات وإخوان الأولاد الكبار وأعمامهم التعاون في هذا الأمر، وأن يجتهدوا في إصلاح الأولاد وتربيتهم التربية الإسلامية، ومن ذلك إلزامهم بالصلاة، وأمرهم بها إذا بلغوا سبعاً، وضربهم عليها إذا بلغوا عشراً وقصروا في ذلك.
وهكذا يؤمرون بما أمر الله به من بر الوالدين، وحفظ اللسان عن السب والشتم والكذب، وعن غير هذا من المعاصي، وعن غير هذا مما حرم الله ، وهكذا يمنعون من شرب المسكرات والتدخين، حتى لا ينشئوا على هذا الباطل، فيجب على الآباء والأمهات العناية بالأولاد لما ينفعهم في الدنيا والآخرة وعليهم أن يمنعوهم مما حرم الله حتى ينشئوا نشأة صالحة وحتى يستقيموا على دين الله، فإذا بلغوا فإذا هم قد عرفوا ما يجب عليهم وما يحرم عليهم، وقد تربوا على الخير وعلى ترك الشر، ولأبيهم وأخيهم وأمهم ومن سعى في هذا الخير له مثل أجورهم، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: من دل على خير فله مثل أجر فاعله وهذا من فضل الله ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً.