عنوان الفتوى : حكم العجلة في الصلاة ونقرها
نبدأ أولاً برسالة المستمع المعذب الذي رجا أن لا نذكر الصريح أو الاسم الصريح واكتفى بـ (م.هـ) من خانقين بالعراق، أولاً في بداية رسالته يقول: نشكر الإذاعة أو إذاعة المملكة العربية السعودية على تقديم هذا البرنامج الديني القيم في إذاعة نداء الإسلام وإذاعة القرآن الكريم، والذي من خلاله تنشرون تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، ونرجو من الله عز وجل أن يوفقكم في مسعاكم، ونرجو للبرنامج مزيداً من التقدم. سؤاله الأول يقول: إني سريع الصلاة، أي: إنني أقرأ سورة الفاتحة وباقي السور القصار بصورة سريعة أو حركات الصلاة سريعة، هل هذا جائز أم لا، وفقكم الله؟ play max volume
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين..
أما بعد: السنة للقاري أن يرتل قراءته وأن لا يعجل فيها؛ حتى يتدبر.. حتى يتعقل.. سواء كانت الفاتحة أو غير الفاتحة، فالسنة له التدبر والتعقل والترتيل وعدم العجلة، كما قال الله سبحانه: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:4]، قال : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، والسرعة التي يخل بسببها بالحروف أو ببعض الآيات لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد وأن لا يعجل حتى يقرأ قراءة سليمة واضحة يتدبرها ويتعقلها، فإذا كان يسقط بعض الحروف ويضيع بعض الحروف فهذه قراءة لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد ويتأنى ويرتل حتى يؤدي الحروف والكلمات كاملة.
وهكذا في الصلاة لا يعجل في الركوع ولا في السجود ولا في الجلسة بين السجدتين ولا في وقوفه بعد الركوع، بل يتأنى ويطمئن، هذا هو الواجب عليه، الطمأنينة فرض لا بد منها، والنقر للصلاة والعجلة فيها تبطلها.
فنوصي السائل أن يطمئن في ركوعه ولا يعجل، يقول: سبحان ربي العظيم ويكررها ثلاثاً أو أكثر، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، وإذا رفع من الركوع يطمئن وهو واقف يقول: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد هذا هو الأفضل له.
أما الطمأنينة فلا بد منها، لا بد أن يركد وهو قائم لا بد من الركود والاعتدال وعدم العجلة، ويقول في ذلك: «ربنا ولك الحمد» هذا واجب، هذا القول: ربنا ولك الحمد أمر واجب على الصحيح، وإذا كمل ذلك فقال: حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد يكون هذا أكمل وأفضل.
وقد جاء عنه ﷺ زيادة في هذا: أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد وهذا من الكمال.
وهكذا في السجود لا يعجل، إذا سجد يسجد على الأعضاء السبعة: جبهته، وأنفه، وكفيه، وركبتيه، وأطراف قدميه، ويطمئن ولا يعجل حتى يرجع كل فقار إلى مكانه ويقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ويدعو بما تيسر ولا يعجل. وكان النبي ﷺ يدعو في سجوده ويقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره فهذا دعاء مشروع، وقال عليه الصلاة والسلام: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء وقال: أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.
فينبغي للمؤمن في سجوده أن لا يعجل بل يجب عليه الطمأنينة والركود وهذا ركن من أركان الصلاة لا بد منه، ومع ذلك يشرع له أن يزيد في الطمأنينة وأن لا يعجل وأن يدعو في سجوده ويكرر سبحان ربي الأعلى والواجب مرة سبحان ربي الأعلى لكن إذا كرر ذلك ثلاثاً أو خمساً كان أفضل أو سبعاً.
والحاصل في هذا كله أن الواجب الطمأنينة وعدم العجلة، وبين السجدتين يطمئن أيضاً ولا يعجل ويعتدل بين السجدتين حتى يرجع كل فقار إلى مكانه ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ربِ اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني كل هذا جاء عن النبي ﷺ.
والمسلم يتأسى بنبيه ﷺ ويعمل كعمله عليه الصلاة والسلام ولا يعجل في هذه الأمور، فإن الصلاة هي عمود الإسلام، الصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام والطمأنينة فيها والركود أمر مفترض وركن من أركانها، فنوصي السائل أن يعتني بهذا الأمر وأن يخاف الله ويراقبه وأن يكمل صلاته بالطمأنينة وعدم العجلة، وهكذا قراءته يطمئن فيها ولا يعجل ويركد ويرتل حتى يقرأ قراءة واضحة يعقلها ويتدبرها ويستفيد منها. رزق الله الجميع التوفيق. نعم.