عنوان الفتوى : أصل الوساوس وكيفية التخلص منها
المستمع (ص. ع. ن) من مكة المكرمة بعث برسالة يقول: أرجو أن تتكرموا بعرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز: منذ سنتين ونصف ابتليت بالوساوس والهواجس والخواطر التي بعضها لا أستطيع دفعه، وأصابني معها شيء من الخوف والقلق والاضطراب، حتى استولت علي هذه الخواطر والوساوس، وأنا خائف منها خوفاً شديدا، حيث أخاف أن تضرني في ديني؛ لأن بعضها في عقيدتي، وإذا سألت بعض أهل العلم يقول لي: الوسوسة من الإيمان، وإلى الآن لم تزل عني هذه الوساوس والخواطر، وأحياناً يصيبني بعض القنوط، بسبب كثرة الوساوس فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى النجاة من تلك البلية، وبيان الوسوسة التي ذكر أن النبي ﷺ قال: إنها من الإيمان جزاكم الله خيراً. play max volume
الجواب: أصل الوساوس من الشيطان، هو الذي يملي على الإنسان ما يضره ويشوش عليه دينه وقلبه، كما قال الله جل وعلا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4] فهو وسواس عند الغفلة، وخناس عند الذكر يتصاغر ويخنس عند ذكر الله عز وجل، فعليك يا أخي! أن تكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالنبي ﷺ لما قيل له، قال له بعض الصحابة: يا رسول الله! إن أحدنا ليجد ما لأن يخر من السماء أحب إليه من أن ينطق به -يعني: يجد من الوسوسة أشياء يفضل أن يخر من السماء ولا ينطق بها لشدتها- فقال: ذاك صريح الإيمان المعنى: أن الشيطان لما يئس منهم أتاهم بوساوس شديدة خطيرة في دينهم وعقيدتهم، لأن يخروا من السماء أهون عليهم من أن ينطقوا بها.
فهذا من كيده الخبيث، فهو صريح الإيمان من جهة ما في قلب المؤمن من كراهتها وإنكارها والحذر منها، هذا صريح الإيمان، ليست الوسوسة من صريح الإيمان، بل كراهتها والخوف منها والحذر منها، كون المؤمن لأن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق بها هذا صريح الإيمان في قلوبهم، يعني: أن قلوبهم أنكرت تلك الوساوس، ورأت أن السقوط من السماء أهون من النطق بها، كأن يقول له: إن الله غير موجود، أو إن الله لا يجوز أن يدعى، أو لا بأس أن يشرك معه غيره في الدعاء والعبادة، أو يقول كما جاء في الحديث: الله خلق كل شيء .. فمن خلق الله وأشباه هذه الوساوس المتعلقة بوجود الله واستحقاقه العبادة وأنه الخلاق العليم، أو متعلقة بالجنة والنار كأن يوسوس أنه لا جنة وليس هناك نار ولا بعث ولا نشور كل هذا من وساوس عدو الله، وإنكار هذه الوساوس من صريح الإيمان، إنكارها واعتقاد بطلانها هذا هو صريح الإيمان.
فالمؤمن أرشده النبي ﷺ إذا رأى مثل هذا أن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أمر الصحابة قال لهم: إذا وجدتم ذلك فليقل أحدكم: آمنت بالله ورسله، وليتعوذ بالله ولينته، هذا هو الدواء لهذه الوساوس الخبيثة إذا رآها المؤمن يقول: آمنت بالله ورسله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ويمضي في حاجته، يستمر في حاجته ولا يركن إليها ولا يلتفت إليها.
أما الوساوس الأخرى في صلاته وفي وضوئه فهي أيضاً من الشيطان يجب أن لا يلتفت إليها، يجب أن يحذرها، فإذا توضأ لا يعيد الوضوء وإذا صلى لا يعيد الصلاة؛ بسبب الوساوس لا، بل يعتقد أن صلاته صحيحة ووضوءه صحيح، ولا يلتفت إلى وساوس عدو الله، فإنه حريص على إفساد أعمال بني آدم وتشويش قلوبهم وإحراجهم، فالواجب الحذر منه بالتعوذ بالله من شره، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة إذا وسوس لك في الصلاة وكثر عليك الوساوس تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتنفث، تنفث عن يسارك ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وقد اشتكى إلى النبي ﷺ عثمان بن أبي العاص الثقفي وقال: يا رسول الله! إن الشيطان لبس عليّ صلاتي، فأرشده النبي ﷺ أن يستعيذ بالله من الشيطان ثلاث مرات في الصلاة أن يتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، ففعل عثمان ذلك وزال عنه ذلك الوسواس، فأنت يا أخي! إذا كان كثر عليك في صلاتك أو في وضوئك تتفل عن يسارك وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، والله يعيذك منه .
وهكذا في جميع الأمور تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتكثر من ذكر الله وتقول: آمنت بالله ورسله إذا كان في العقيدة آمنت بالله ورسله وبهذا تسلم من عدو الله ويبطل كيده، كما فعله الصحابة بإرشاد النبي ﷺ وأبطل الله كيده عنهم، وعافاهم من هذه الوساوس. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم.