عنوان الفتوى : يريد أن يتزوج من فتاة كان على علاقة بها
أرجو من سماحتكم أن تساعدوني لأني في ورطة ، أنا تعرفت على بنت تعمل في منطقة بعيده عن أهلها ، واستمرت علاقتنا لمدة سنتين في حب وغرام ومقابلات وزنى ، لكن اتفقت معها على الزواج لأني لا أستطيع نسيانها ، وهي كذلك ، المهم من أول ما دخلت حياتها وهي تغيرت عن الأول ، واستقامت ؛ ويعلم الله أني أحببتها ولا أستطيع نسيانها ، فهل تنصحني بالارتباط بها ؟ لأني أعيش حالة عصبيّة جدّاً .
الحمد
لله
أولاً :
قبل الإجابة على سؤالك لا بدَّ لنا من تذكيرك بوجوب التوبة والندم على ما فعلتَ مع
تلك المرأة ، وغير خافٍ عليك أنك وقعتَ في كبائر من الذنوب ، وأعظمها الزنا الذي
نُصَّ على تحريمه في الكتاب والسنَّة ، وأجمع العلماء على تحريمه ، وأجمع العقلاء
على قبحه وسوئه .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ
سَبِيلاً ) الإسراء
/ 32 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ
مُؤْمِنٌ ) رواه
البخاري ( 2475 ) ومسلم ( 57 )
.
وللزناة عذاب عظيم في البرزخ قبل عذابه في الآخرة ، فقد جاء في حديث الرؤيا المشهور
– حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه : ( ... فَانْطَلَقْنَا – أي : النبي صلى الله
عليه وسلم وجبريل وميكائيل - فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ
لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ،
وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ
اللَّهَبُ ضَوْضَوْا (أي صاحوا) قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاءِ ؟ … قَالَ :
قَالا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ … َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ
الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ
وَالزَّوَانِي )
رواه البخاري ( 6640 )
.
وقد أوجب الله تعالى في الزنا الحدّ ، فقال تعالى في بيان حدِّ الزاني البكر : (
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ
وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ ) النور/2 .
أما المحصن - وهو الذي قد سبق له الزواج - فجعل حدّه القتل فقد جاء في الحديث الذي
رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 3199 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائة وَالرَّجْمُ ) .
وما قلناه لكَ فهو موجه للمرأة كذلك ، ولتعلم أن ذنبها أقبح ، وبما أنها – كما تقول
– قد استقامت فنرجو أن تكون توبتها صادقة ، وأن يعفو الله عنها بمنِّه وكرمه .
ثانياً :
اعلم أنكما إذا لم تتوبا من ذنب الزنا : فإنه لا يحل لك الزواج بها ؛ لأن الله
تعالى حرَّم نكاح الزاني والزانية حتى يتوبا ، قال تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ
إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
النور/3
.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" هذا بيان لرذيلة الزنا ، وأنه يدنس عرض صاحبه ، وعرض من قارنه ومازجه ، ما لا
يفعله بقية الذنوب ، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء إلا أنثى زانية ،
تناسب حاله حالها ، أو مشركة بالله لا تؤمن ببعث ولا جزاء ، ولا تلتزم أمر الله ،
والزانية كذلك ، لا ينكحها إلا زان أو مشرك ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ ) أي : حرِّم عليهم أن يُنْكحوا زانياً ، أو يَنكحوا زانية .
ومعنى الآية : أن من اتصف بالزنا من رجل أو امرأة ، ولم يتب من ذلك : أن المقدم على
نكاحه مع تحريم الله لذلك لا يخلو إما أن لا يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله : فذاك
لا يكون إلا مشركاً ، وإما أن يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله ، فأقدم على نكاحه مع
علمه بزناه : فإن هذا النكاح زنا ، والناكح زانٍ مسافحٍ ، فلو كان مؤمناً بالله
حقّاً : لم يقدم على ذلك ، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب ، وكذلك
إنكاح الزاني حتى يتوب ، فإن مقارنة الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها ، أشد
الاقترانات والازدواجات ، وقد قال تعالى : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا
وَأَزْوَاجَهُمْ ) أي : قرناءهم ، فحرَّم الله ذلك ؛ لما فيه من الشر العظيم ، وفيه
من قلة الغيرة ، وإلحاق الأولاد الذين ليسوا من الزوج ، وكون الزاني لا يعفها بسبب
اشتغاله بغيرها ، مما بعضه كاف للتحريم " انتهى .
" تفسير السعدي " (
ص 561 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
زنى رجل ببكرٍ ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر : وجب على كلٍّ منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه
الجريمة ، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة ، ويعزم على ألا يعود إليها ، ويكثر
من الأعمال الصالحة ، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات ، قال الله تعالى :
( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ
مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً .
وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً )
الفرقان/68 – 71
. وإذا أراد أن يتزوجها :
وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح ، وإن تبين حملها : لم يجز له
العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها ، عملاً بحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن
يسقي الإنسان ماءه زرع غيره " انتهى .
" فتاوى إسلامية "
( 3 / 247 ) .
فتوبا إلى الله تعالى ، وأصلِحا حاليكما ، وأكثرا من الأعمال الصالحة ، ويجوز لكم
بعد ذلك التزوج ، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتكما ويعفو عنكما بفضله ورحمته .
وانظر السؤال رقم (85335)
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري |
---|
يريد أن يتزوج من فتاة كان على علاقة بها |