عنوان الفتوى : هل يجوز للمحكمة اقتطاع نسبة من الميراث في مقابل تقسيم التركة ؟
هل يجوز أن تقوم المحكمة الشرعية باقتطاع ضريبة 3.3 % من ميراث كل متوفى لصالح الدولة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من واجب الدولة شرعاً أن تنشئ المحاكم الشرعية ليتحاكم الناس إليها، ويرفعون إليها قضاياهم، وعليها أن تنصب القضاة، وتدفع لهم رواتبهم من بيت مال المسلمين، ليتفرغوا للحكم بين الناس بما أنزل الله تعالى، فيفضوا النزاعات، ويقطعوا الخصومات، ويوصلوا الحقوق إلى أهلها، وكذلك على الدولة أن توظف من يعين القاضي على معرفة الحقوق وإيصالها إلى أصحابها، فتوظف مقوماً وحاسباً وقاسماً وأمثال هؤلاء، وليست الدولة مطالبة بتوظيف هؤلاء - غير القاضي - على سبيل الوجوب عند جماهير الفقهاء، لأن عملهم ليس من صلب مهمة القاضي.
فإذا لم توظف الدولة مقوماً أو حاسباً أو قاسماً، فعليها أن تعين من يقوم بذلك ، ويتقاضى أجراً ممن يقوم لهم، أو يحسب أو يقسم بقدر عمله، ولا يزيد عليه، وفي هذه الحالة، فليس للدولة أن تلزم الورثة بالرجوع إلى ذلك الموظف إذا وجدوا متبرعاً عالماً بتلك المهنة، أو مستأجراً أقل أجرة ممن عينته الدولة.
وعلى كل، فليس للدولة أن تقتطع نسبة معينة من التركة مقابل ما يقوم به القاضي من النظر في التركة لمعرفة من يرث، ومن لا يرث، وكم نصيب كل وارث إلى غير ذلك مما هو من صلب مهمة القاضي، وعليها أن توظف من يقوم بتقويم العقارات والأثاث، وحصر الأموال، ثم من يقوم بقسم ذلك بعد حكم القاضي.
فإن لم توظف الدولة من يقوم بذلك وعينت من يقوم به، ليتقاضى أجراً من الورثة، فليكن ذلك الأجر أجراً معلوماً يتناسب مع واقع ما يقوم به من عمل، وما يبذله من جهد، وليس لها أن تقطع نسبة معينة من التركة، لأن في ذلك جوراً وغبناً، فكم من تركة كثيرة لا يكلف حصرها وقسمها أي جهد، وكم من تركة قليلة معقدة يكلف تقويمها وقسمها جهداً كبيراً.
وكما أسلفنا، فليس للدولة أن تلزم الورثة بمن عينته إذا وجد من يساويه في الخبرة بأجرة أقل، أو متبرعاً.
والله أعلم.