عنوان الفتوى : حكم عقد الاستصناع بما بقي في ذمة المقاول من مال
بعض الإخوة لهم قطعة أرض ورثوها عن أبيهم وحدث خلاف حول تقسيم الأرض لأن التقسيم سيجعل هناك فواصل بين كل قطعة وأخرى وهذا سيؤدي إلى تقليل حصة كل فرد منهم بشكل كبير فاتفقوا أن يبيعوا قطعة الأرض هذه لأحد المقاولين الذي يريد أن يبني عمارة في مكان الأرض , لكن المقاول قال إنه ليس لديه سيولة تكفي لدفع المبلغ كاملاً والبناء معاً لذلك عرض على الإخوة أن يعطي لهم جزءا من المبلغ يوزعونه بينهم والباقي سيكون شقة – لكل منهم – في العمارة التي سوف يبنيها في هذه الأرض, والإخوة وافقوا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج في ذلك بشرط أن تحدد مواصفات هذه الشقق وقيمتها تحديدا نافيا للجهالة لأن حقيقة هذه المعاملة أنهم باعوا هذه الأرض للمقاول وقبضوا جزءا من الثمن، وما بقي لهم في ذمته عقدوا به معه عقد استصناع أو ما يسمى بعقد مقاولة لبناء شقق في العمارة المزمع إقامتها، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم إلى أنه إذا كان لرجل في ذمة آخر دينارا فجعله سلما في طعام إلى أجل فإنه يصح السلم من غير حاجة إلى قبض حقيقي لرأس مال السلم، مع اتفاق الفقهاء على وجوب تسليم رأس المال معجلا لصحة السلم، وذلك لوجود القبض الحكمي لرأس مال السلم وهو ما في ذمة المدين المسلم إليه، فكأن الدائن بعد عقد السلم قبضه منه ثم رده إليه فصار معجلا حكما فارتفع المانع الشرعي، وقال ابن القيم: لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين وسقط له عنه دين غيره، وقد حكي الإجماع على امتناع هذا، ولا إجماع فيه. قاله شيخنا واختار جوازه، وهو الصواب .
وإذا كان هذا يجوز في السلم الذي يشترط فيه تعجيل تسليم رأس المال في مجلس العقد فإنه يجوز من باب أولى في عقد الاستصناع الذي لا يشترط فيه ما يشترط في عقد السلم من تعجيل رأس المال، وراجع للفائدة والتفصيل الفتوى رقم : 28827 ، والفتوى رقم : 37651 ، والفتوى رقم : 11224 .
والله أعلم .