عنوان الفتوى : من حلف على أيمان كثيرة وحنث فيها فماذا عليه

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

أتمنى أن تجيبوا عن الاستفسارات الآتية: حلفت بالله العظيم ونذرت مرات كثيرة بأن لا أرجع إلى هذا العمل مرة ثانية ورجعت إليه مرات كثيرة فماهي الكفارة في ذلك؟ فإذا حلفت مرات كثيرة بأن لا ترجع إلى عمل معين مرة ثانية ورجعت إليه مرتين أو مرات ولو كثرت فعليك كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد، ولو تكررت ليس فيها إلا كفارة واحدة إذا كنت لم تكفر عن الأولى منها، أما إذا كفرت عن اليمين الأولى ثم أعدت ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال، نحو: والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا، وحنث في الكل قبل التكفير فإن عليه كفارة واحدة نص على ذلك الإمام أحمد لأنها كفارات من جنس واحد فتداخلت كلها كالحدود من جنس اليمين فعليك كفارة ثانية إذا حنثت.في السا بق عندما كنت أغضب كنت أحلف بقولي والله العظيم لن أفعل هذا، ولكني لم أكن أكفر عن حلفي، ولقد نسيت عدد هذه الأيمان فماذا أفعل ؟ جزاكم الله خيراً.....وعليك أخي الكريم أن تجتهد في معرفة عدد هذه الأيمان التي حنثت فيها وتكفر عنها، وإذا لم تصل إلى نتيجة محققة فينبغي لك أن تحتاط لها، ولمزيد من الفائدة فإذا كنت قد أقسمت أيماناً متعددة على عدة مواضيع وحنثت فيها فتلزمك كفارات ‏بقدر الأيمان التي حنثت فيها، أوخالفت فيها ما حلفت على فعله أو تركه، أما كونك ‏لا تتذكر كم مرة حنثت فيها، فالعبرة هنا بغلبة الظن. فإن غلب على ظنك أنها ثلاث ‏فهي ثلاث، وهكذا حتى تبرأ الذمة. وصورة المسألة: لو أنك قلت مثلاً: والله لا آكل ‏هذا الطعام، ووالله لا ألبس هذا الثوب، ووالله لا أذهب إلى هذا المكان. فإن أكلت، ‏ولبست، وذهبت إلى المكان، فيلزمك ثلاث كفارات. وإن قلت: والله لا آكل، ولا ‏ألبس، ولا أذهب… ثم حنثت في الجميع أو بعضه فتلزمك كفارة واحدة في هذهوإذا كا ن المحلوف عليه شيئاً واحداً، وتكررت الأيمان قبل الحنث، فتلزم كفارة واحدة عنها. أما إذا كان المحلوف عليه أشياء مختلفة، واليمين واحدة فلا تلزمه إلا كفارة واحدةشكرا لتجاوبكم معي ولكن التبست على جميع الفتاوى فلم أعلم ما يجب على بالضبط المهم عند تصفحي للفتاوى التي أحلتموني إليها فهمت منها أن الأشياء المحلوف عليها مهما تعددت وكانت مختلفة بشرط أن تكون نفس صيغة الحلف كــ والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا مهما اختلف المحلوف عليه ولكنه حمل نفس صيغة الحلف وهي والله فهنا يجوز أن أكفر عن الجميع بكفارة واحدة مالم أكفر من قبل علما أني عندما أغضب أحلف دائما بقول والله وجميع ما أحلف عليه يختلف عن الآخر باختلاف المواضع والأوقاتثانياًقلتم في الفتوى الثانيةأن تجتهد في معرفة عدد هذه الأيمان التي حنثت فيها وتكفر عنها فلم لم تقولوا للأول مثل ما قلتم للثاني هل لأنه أقسم ولم يحلف علما بأن كل منهما قال إنه لايذكر عددها مع أنكم تقريبا أعطيتموه نفس الأمثلةأنا الآن اريد ان أفهم ما علي أن أفعل بالضبط لقد اختلطت على الفتاوى ولم أعلم ماذا علي أعتذر على المقارنة ولكن فعلت ذلك من أجل أن أفهم فقط بشكل عام حتى أقارنها بحالتي وأرى ما يناسب وضعي فهل تكرمتم وشرحتم لي الموضوع بشكل مبسط ؟جزاكم الله خير وجعل ذلك في موازين حسناتكم.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حكم هذه المسائل يختلف باختلاف صيغ الأيمان كما هو مبين في الفتويين اللتين أوردهما الأخ السائل، وننبه هنا على أن الحلف والقسم بمعنى واحد، وكلاهما عبارة عن اليمين والحالف له حالات منها : أن يحلف أو ينذر أكثر من مرة أن لا يعود إلى فعل أمر معين ثم يعود إليه مرة أو أكثر ففي هذه الحالة عليه كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد ولو تكررت أو تكرر الحنث ليس فيها إلا كفارة واحدة، إلا إذا كفر عن الأولى منها ثم حلف وحنث مرة أخرى فعليه الكفارة عن الأخرى ، ومنها : أن يحلف أيمانا متعددة على أشياء مختلفة مثل أن يقول والله لا آكل هذا الطعام والله لا ألبس هذا الثوب والله لا أذهب إلى مكان كذا فإنه إن حنث في الجميع كفر ثلاث مرات وإن حنث في واحدة كفرة مرة واحدة هذا قول أكثر أهل العلم، وقيل يكفر كفارة واحدة ما لم يكفر من قبل كما فهم الأخ السائل وهذا قول إسحاق وبعض الحنابلة، وقد ذكر ابن قدامة في المغني بعض هذه المسائل مع بيان ما اختلف فيه منها فقال : وإذا حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة فقال والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست فحنث في الجميع فكفارة واحدة ، لا أعلم فيه خلافا لأن اليمين واحدة والحنث واحد فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه يحنث وتنحل اليمين، وإن حلف أيمانا على أجناس فقال، والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست فحنث في واحدة منها فعليه كفارة، فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى لزمته كفارة أخرى، لا نعلم في هذا أيضا خلافا، لأن الحنث في الثانية تجب به الكفارة بعد أن كفر عن الأولى فأشبه ما لو وطئ في رمضان فكفر ثم وطئ مرة أخرى، وإن حنث في الجميع قبل التكفير فعليه في كل يمين كفارة هذا ظاهر كلام الخرقي ورواه المروذي عن أحمد ، وهو قول أكثر أهل العلم وقال أبو بكر : تجزئه كفارة واحدة، ورواها ابن منصور عن أحمد قال القاضي : وهي الصحيحة وقال أبو بكر ما نقله المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه، وهو قول إسحاق لأنها كفارات من جنس، فتداخلت كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها بأن يسرق من جماعة أو يزني بنساء، ولنا أنهن أيمان لا يحنث في إحداهن بالحنث في الأخرى فلم تتكفر إحداهما بكفارة الأخرى كما لو كفر عن إحداهما قبل الحنث في الأخرى وكالأيمان المختلفة الكفارة وبهذا فارق الأيمان على شيء واحد، فإنه متى حنث في إحداهما كان حانثا في الأخرى، فإن كان الحنث واحدا كانت الكفارة واحدة، وها هنا تعدد الحنث فتعددت الكفارات، وفارق الحدود فإنها وجبت للزجر وتندرئ بالشبهات بخلاف مسألتنا، ولأن الحدود عقوبة بدنية فالموالاة بينها ربما أفضت إلى التلف فاجتزئ بأحدها، وها هنا الواجب إخراج مال يسير أو صيام ثلاثة أيام فلا يلزم الضرر الكثير بالموالاة فيه ولا يخشى منه تلف. انتهى .

وسبب ذكرنا حكم الاجتهاد في كفارة الأيمان المجهولة العدد في الفتوى الثانية دون الأولى مع الاتفاق في بقية المحتوى هو أن صاحب السؤال الثاني قال إنه نسي عدد الأيمان، والسائل الأول لم يذكر ذلك، وكلاهما يحتمل أنه كان يحلف على أمر واحد بأيمان متعددة، أو كان يحلف على أشياء متعددة بيمين واحدة ويحتمل أنه كان يحلف بأيمان متعددة على أشياء مختلفة، ولهذا أجيبا على كل الاحتمالات، وزيد الثاني بحكم مسألة جهل عدد الأيمان. ولو تأمل المطالع وراجع الفتويين المذكورتين اتضح له ما أشكل عليه .

والله أعلم .