عنوان الفتوى : وجود المذاهب الأربعة ليس من الابتداع في الدين

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سمعت بأن بعض أهل السنة والجماعة يعتبرون المذاهب بدعة لعدم وجودها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين. ماهو الحكم الشرعي حول التمذهب؟ فبعض الناس يتعصب لمذهب معين ويرفض الدليل حتى وإن كان قطعياً إذا ما تعارض مع مسألة ما في مذهبه. ألا ترون أنه أصح إسلامياً أن تلغى هذه المذاهب ويتحد المسلمون تحت اسم أهل السنة والجماعة، الفئة الناجية الوحيدة. ويقفون مع الحق لا يضرهم من خالفهم ؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فالمذاهب الأربعة المشهورة هي محصلة آراء واجتهادات الأئمة: أبي حنيفة ومالك ‏والشافعي وأحمد. وهؤلاء الأئمة من أعلام أهل السنة والجماعة، ووجودهم امتداد لما كان ‏عليه الصحابة من الاجتهاد في العلم والتدريس له. وقد كان بين الصحابة مجتهدون ‏وعلماء، وكان بينهم من الخلاف في مسائل الاجتهاد كما بين أبي حنيفة ومالك ‏والشافعي وأحمد. ‏
والأئمة الأربعة المذكورون لم يلزموا غيرهم بتقليدهم في كل مسألة، وإنما ذكروا اختيارهم ‏وترجيحهم، ودعوا الناس إلى الأخذ بالحق متى وجد في غير أقوالهم. وصدرت عنهم ‏المقولة المشهورة: إذا صح الحديث فهو مذهبي. وإذا رأيتم قولاً للنبي صلى الله عليه وسلم ‏يخالف قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط.‏
وقد كان في عصر هؤلاء الأئمة فقهاء ومجتهدون لا يقلون منزلة عنهم: كالليث ‏والأوزاعي وسفيان، وغيرهم، ولكن الله تعالى كتب الانتشار والبقاء لمذاهب هؤلاء ‏الأربعة بما هيأه - سبحانه- من وجود التلاميذ الذين دونوا مسائلهم، وسجلوا آراءهم.‏
وطالب العلم لا يستغني عن الرجوع إلى ما كتبه هؤلاء الأئمة وغيرهم من أهل الاجتهاد ‏والسبق، بل هذا هو الطريق الصحيح لمعرفة الفقه، أن يتعلمه الدارس وفق ما دونه أهل ‏مذهب من هذه المذاهب، دون تعصب لها، ولا اعتقاد أنه ملزم باتباعها في كل مسألة، ‏فإنه لا أحد يتعين على الناس اتباعه في كل ما يقول غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ‏ومن هنا يعلم أن الدعوة إلى إلغاء هذه المذاهب خطأ واضح ، وكذلك التعصب لها ‏بالباطل، وتقديم آرائها على الدليل الصحيح المعتبر.‏
والله أعلم.‏