عنوان الفتوى : التغليظ في ترك الجمعة
أنا شاب أعمل في أرض المهجر، أرسل لوالدي القليل من المال بالإضافة إلى مبلغ آخر صغير أخصصه كل شهر (صدقة لله).... أنا لا أصلي فقط صلاة الجمعة، وقد حدث لي أن نمت صباحا وأنا (مجنب)، فحلمت حلما غريبا أخافني، إذ أني رأيت نفسي على هيئة طيف راح يبحث بين الجموع عن جسدي الميت والممدد والملفوف بالكفن، فتراءى لي وجه والدي الحزين علي، فسألته عن هذا الحال، فقال إني أكلت طعاما مسموما منذ ثلاثة أيام وهو سبب موتي.... ثم أخذت أقترب من جسدي فرأيته والروح ينزع منه، ويلفظ الأنفاس الأخيرة، وكان الألم شديدا، وفكرت بتلك اللحظة بفقدان الأهل والأصدقاء، وانتابني ندم شديد على تقصيري اتجاه الله..... ثم نقلت روحي واجتمعت مع طيف لأحد أصدقائي وهو يدعى(أمجد) وسألني عن حالي فأجبته.. أنني حزين على فقدان الأهل وحزين لأني قصرت بصلواتي واتجاه ديني، فأجابني ناصحا ... إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة.... فراح الندم يتغلغل أكثر فأكثر إلى قلبي وتمنيت لو أرجع إلى الحياة وأصلي وأبتهل وأتقرب من الله أكثر..... إلا أن هذا الشيء كان مستحيلا في تلك اللحظة، وكنت قد ظننت أني فارقت الحياة..... بعدها استيقظت مذعورا وقلبي حزين يبكي ندما ولم أصدق أنني على قيد الحياة حتى دخل علي أحد أصدقائي الغرفة ...وأخذت أمعن فيه النظر الذي كذب الحلم وأثبت لي أني ما زلت حيا ولم أكتف بهذا، بل أخذت أتلمس الفراش من حولي علي أشعر بملمسه وأثبت لنفسي أني على قيد الحياة. ووالله كانت روحي تؤلمني في مشاعري وعواطفي، وأنه كان الأمر مفزعا ومروعا ذاك الذي انتابني.ولا أدري أهذا من الرحمن أم من الشيطان ؟ وأنا الآن حائر بأمر هذا الحلم الغريب ولا أدري ما يعني؟ وماذا علي أن أفعل وكيف سأتصرف.؟ أيكون الله غاضبا مني؟ علما أني أتوخى الحذر من أن أقع في ذنب. أرجوكم ثم أرجوكم أرشدوني وأفتوني في هذا الأمر وماذا علي أن أفعل ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فالصلاة شأنها عظيم فهي ثاني أركان الإسلام، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من تركها كفر، فإن كنت مفرطا فيها فعليك المبادرة بالتوبة قبل فوات الأوان فتندم حين لا ينفع الندم، وإن كنت تترك الجمعة فقط كما قد يظهر من سؤالك فاعلم أن صلاة الجمعة فريضة لا يستقيم أمر دين المأمور بها إلا بأدائها والمحافظة عليها كسائر الصلوات المفروضة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9}. وقال صلى الله عليه وسلم: رواح الجمعة واجب على كل مسلم. رواه النسائي من حديث ابن عباس، وفي أبي داود مثله وهو صحيح، وفي المسند وسنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم وليكونن من الغافلين.
وبالنسبة لرؤياك هذه، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان, فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان, فإنها لا تضره. وفي رواية: وإن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد, وليقم يصلي.
فكان عليك أن لا تقص رؤياك هذه على أحد، وأن تبادر إلى التوبة من ترك الجمعة، وتلازم قراءة القرآن والذكر والاستغفار، وتأدية الفرض في بيت الله مع الجماعة، وتتزود بخير الزاد.
وبالرغم من أن الرؤى لا تنبني عليها أحكام، إلا أن هذا المشهد المفزع الذي رأيته قد يكون أمرا من الله أراد به أن يريك عظم هذا الذنب الذي أنت عليه، كي تبادرَ لتتدارك مستقبلك قبل فوات الأوان.
والله أعلم.