عنوان الفتوى : تحويل المرأة مالها إلى رجل أجنبي وسفرها بغير محرم
اتصلت بي فتاة مسلمة من بلاد ساحل العاج عبر الايميل قالت فيه إنها فقدت أباها الوزير والذي مات مقتولا ثم التحقت به زوجته فظلت هي يتيمة لا سند لها. مشكلتها تكمن في كون أبيها ترك لها مبلغا هائلا من المال ولكنها لا تستطيع التصرف فيه تريد أن أساعدها و ذلك بتحويل المال إلى حسابي الخاص في بلادنا لتسافر هي بعد لأعيد لها مالها وتستقر عندنا نهائيا وقد وعدتني بنصيب من هذا المال كمقابل لذلك. فما رأي الشريعة في ذلك وهل مثل هذا المال حلال؟ جزاكم الله كل خير .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المستبعد أن لا تجد هذه الفتاة في دولتها وفي مجتمعها من يمكنها الاعتماد عليه في حفظ مالها.
كما أنه من المستبعد أيضا أن تضع الفتاة كامل ثقتها في شخص لم تره ولم تعرف شيئا عن أمانته، بحيث تحول أموالا طائلة إلى حسابه.
وعلى أية حال، فقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، واختلفوا فيما إذا بعدت الشبهة وموطنها. فذهب بعضهم إلى تحريم سفر المرأة دون محرم أخذا بعموم ألفاظ الأحاديث الواردة في منع المرأة من السفر دون محرم، ومنها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. وما رواه الشيخان أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال: انطلق فحج مع امرأتك.
ثم إن هبة المرأة شيئا من مالها إلى رجل إذا خلت من الأغراض الفاسدة والمقاصد الخبيثة لا مانع منها، بل هي مستحبة بين الناس، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا، أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي من حديث أبي هريرة بسند جيد.
ويستثنى من هذا الهدية في معصية الله تعالى، كمن يهدي لامرأة ليستميل قلبها إليه، أو يجرها إلى الوقوع فيما حرم الله من نظر أو لمس أو خلوة… ونحو ذلك، أو تهدي هي له لشيء من تلك الأغراض.
والحاصل أن سفر تلك الفتاة إلى بلدك من دون محرم غير مباح، وبناء عليه، فلا نرى إباحة شيء مما ذكرت.
والله أعلم.