عنوان الفتوى : ماهية التفريق المنهي عنه بين الرسل
دار نقاش بين نفرين من المصلين حول مدى إجازة القول من عدمها بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف المرسلين وأفضلهم ومنطلق اختلافهم أمر الله لنا بألا نفرق بين الرسل كافة . فما هو ردكم على من يقول بأنه لا يجوز وصف النبي عليه الصلاة والسلام بأنه أشرف المرسلين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا نزاع بين العلماء في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء, ودليل ذلك مذكور في الفتوى رقم: 17527، أما التفريق بين الرسل المنهي عنه في القرآن فهو التفريق بينهم في الإيمان ببعضهم دون بعض. قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ {البقرة: 285} يعني يقولون: آمنا بجميع الرسل, ولا نكفر بأحد منهم, ولا نفرق بينهم كما فرقت اليهود والنصارى. انتهى.
وقال أيضا: إن المنع من التفضيل إنما هو من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وإنما التفضيل في زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والألطاف والمعجزات المتباينات، وأما النبوة في نفسها فلا تتقاضل وإنما تتفاضل بأمور أخرى زائدة عليها، ولذلك منهم رسل وأولو عزم, ومنهم من اتخذ خليلا, ومنهم من كلم الله, ورفع بعضهم درجات. قال الله تعالى: وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً{الإسراء: 55} وقال: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ{البقرة: 253} قلت: وهذا قول حسن فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ. والقول بتفضيل بعضهم على بعض إنما هو بما منح من الفضائل وأعطي من الوسائل. انتهى.
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء على الإطلاق فإنه لا ينبغي الخوض في المفاضلة بين أنبياء الله تعالى لوجود النهي عن ذلك, ولأنه قد يفضي إلى انتقاص بعضهم, وذلك أمر خطير. وأخيرا نقول لمن يظن أنه صلى الله عليه وسلم لا يوصف بأنه أفضل المرسلين انظر الفتوى رقم: 43074.
والله أعلم.