عنوان الفتوى : حكم الملاكمة والكراتية وما يترتب على من قتل شخصاً فيهما
ما حكم من قتل شخصاً في مباريات رياضية مثل الملاكمة والكراتيه في الإسلام؟فهل هذا يعتبر قتل خطأ أم قتل عمد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل أن نجيب على سؤالك بالتحديد لا بد من ذكر بعض التوضيحات.
1- الإسلام أباح كل نافع مفيد، وحرم كل ضار عقيم.
2- الألعاب الرياضية والترفيهية يختلف حكمها الشرعي حسب نوعها وفائدتها، وما يترتب عليها، والغرض منها. فما كان منها نافعاً مفيداً، لا يترتب عليها انشغال عن واجب، ولا ضرر ديني أو دنيوي ولا يشتمل على أمر محرم جاز تعلمه وممارسته في حدود المعتاد. وما خرج عن هذا الإطار الشرعي العام فلا يجوز تعلمه ولا ممارسته.
3- المثالان اللذان ذكرتهما يختلف حكمهما بناء على ما تقدم. فالملاكمة -كما يقول العارفون بها- لا فائدة فيها أصلاً، وتترتب عليها أضرار صحية عاجلاً أو آجلاً لا محالة، وقد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان. ويستوي في هذا نوعاها: الملاكمة الحرة والملاكمة الأولمبية.
أما الكراتيه فهي في الأصل للدفاع الذاتي عن النفس، ولا خطر في ممارستها، لأنه يمنع على المتبارين فيها أن يلمس أحدهم الآخر أثناء المباريات. وعلى هذا فيمكن أن يتعلمها المرء لهذا الغرض، ويمارسها في المناسبات ليزداد مهارة فيها وتفوقاً، ومن أحسن النية فيها وقصد إعداد النفس للجهاد في سبيل الله، والذب عن الإسلام والمسلمين أثيب على ذلك إن شاء الله تعالى.
4- أن القوانين المنظمة للألعاب في هذا العصر لم يراع واضعوها أحكام شرع الله تعالى، ولم يأخذوها في الاعتبار، فلذلك كانت لا غية في نظر الشرع، ولا عبرة بما تبيحه للاعبين مما لا يوافق حكم الشرع ومقاصده التي جماعها جلب المنافع ودرء المفاسد.
إذا علمت هذا فالجواب على سؤالك: أن المشاركة في مباريات الملاكمة لا تجوز، وأما مباريات الكراتيه بالضوابط الشرعية فهي جائزة، قياساً على المصارعة.
والمشارك في الملاكمة آثم على كل حال، بخلاف المشارك في الكراتية فقد لا يأثم.
ثم إن من قتل شخصاً فيهما فلا يخلو أن يكون قاصداً للقتل مصراً عليه مسبقاً أم لا.
فإن كان قاصداً للقتل مصراً عليه وضرب في المكان القاتل عادة، سواء قصد الضرب في ذلك المكان أم لا، فإن قتله هذا يعتبر قتل عمد، وذلك لقصده الفعل ومباشرته للسبب المؤدي إليه غالباً وعليه القصاص، إلا أن يعفوا أولياء الدم. وهو آثم على كل حال إثماً كبيراً.
وإن قصد القتل ولم يضرب في المكان القاتل عادة فهو شبه عمد. وقد نص أهل العلم على أن قصد الفعل مع عدم اتخاذ الوسيلة المؤدية إليه غالباً كالضرب بعصاً أو حجر صغيرين، أو لكزة أو نحوها، يجعل القتل شبه عمد، وتلزم فيه الدية المغلظة- تقدرها المحاكم الشرعية- والكفارة.
أما إن لم يقصد القتل فهو شبه عمد أيضاً إن كان فعله مما يقتل غالباً، وإما إن كان مما لا يقتل عادة فهو قتل خطأ تلزم فيه الدية والكفارة.
والله أعلم.