عنوان الفتوى : زوج بنتك ممن يتقي الله تعالى
فتاة مسلمة أعيش في أمريكا وعمري 20 عاماً وبفضل الله عز وجل أدرس بكالوريوس الشريعة الإسلامية عن طريق الإنترنت بالجامعة، وعن طريقها تقدم لي شاب عمره 27 عاماً بواسطة مدير شؤون الطلبة، إن هذا الشاب على خلق ودين، بار بوالديه وصاحب مسؤولية إذ يصرف على أمه وأخواته البنات من أمه لأن والدهن متوفى ويدرس ويعمل بنفس الوقت، ويبحث عن الزوجة الصالحة التي تعينه على دينه ودنياه، والتي تفهم معنى قال الله وقال الرسول على فهم الصحابة رضوان الله عليهم، (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ), وهدفه العلو بدين الله عز وجل، يعيش حالياً في أمريكا لكنه غير مستقر فيها، إذ أن إقامته محددة بفترة دراسته، فمتى أنهى دراسته يجب عليه العودة إلى بلده الأصلي مصر، ويحاول الحصول على ما يسمى بـ (الجرين كارد)، حتى يكون مستقراً في أمريكا حتى ينهي دراسته ويحصل المال الكافي للرحيل، فهو لا يحب الاستقرار هنا ولا يريد العيش هنا، وأوافقه على هذه النقطة وكنت أرفض من يريد الاستقرار فيها من غير عذر شرعي، ولغاية الآن هو لم يحصل عليها وكما نعلم أنه يمكن الحصول عليها إن تزوج بامرأة معها أوراق، أو أن يقدم عن طريق محام للحصول عليها حتى يصبح مستقراً من ناحية الإقامة، والشاب لفضله لم يلتفت إلى هذه النقطة، إذ أنني لا أملك الجنسية ولا أستطيع مساعدته، وهذا يثبت حسن نواياه ونبل مقصده للحصول على الزوجة الصالحة، وعندما تمت الرؤية الشرعية لمسنا جميعاً أنه مثقف دينياً ودنيوياً، ويحسن فن الخطاب والإقناع ويحافظ على أداء الصلوات في الجامع، وخلال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فرأي الشرع أن الفتاة البالغة العاقلة إذا التمست من وليها تزويجها بالكفء الخاطب لها، فإنه يلزمه تزويجها تحصينا لها، فإن امتنع فإنه يأثم، ولها رفع أمرها إلى القاضي ليزوجها، قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (فرع: لو التمست البكر البالغة) العاقلة (لا الصغيرة التزويج من الأب) مثلاً (بكفء) خطبها كما في الأصل وعينته بشخصه أو نوعه حتى لو خطبها أكفاء فالتمست منه التزويج بأحدهم (لزمه الإجابة) تحصينا لها؛ كما يجب إطعام الطفل إذا استطعم، فإن امتنع أثم وزوجها السلطان). انتهى.
وبحسب الأخت فإن الشاب المتقدم لها صاحب دين وخلق، ومن كان كذلك فإنه لا يرد، وفي الحديث: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن.
فنصيحتنا للأهل أن يمتثلوا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يزنوا بميزان الشرع في هذه القضية وغيرها، وأن يعلموا أن تزويجهم لابنتهم بمن يتقي الله ويخشاه، هو الأصلح لها ولهم، فإن من زوج ابنته فاسقاً فقد قطع رحمها، وقد استشار رجل أحد السلف فيمن يزوج ابنته، فقال زوجها ممن يتقي الله تعالى، فإن أحبها أكرمها وإن كرهها اتقى الله فيها.
ونقول للأخت: وإن كان الحق لك في هذه المسألة، إلا أن لوالديك حقوقاً عليك من جوانب أخرى لعلك إن خالفتهم في هذه المسألة تضيعين تلك الحقوق، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 73463.
فننصحك باستخارة الله عز وجل وتفويض الأمر إليه سبحانه، واعلمي أن أهلك حريصون عليك، وينظرون للأمور بنظرة أبعد، ولهم تجربة في الحياة، فلا عليك إن تنازلت عن حقك، وتركته من أجل رضاهم، فإن رضى الله سبحانه في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما؛ كما ورد بذلك الحديث، ونسأل الله أن يهدي أهلك، ويقدر لك الخير حيث كان.
والله أعلم.