عنوان الفتوى : بطلان ما نسب إلى عمرو بن العاص يوم صفين
أنشد أحد الحاضرين البيت التالي: ولا خير في رد الردي بمذلة إلى آخره، وقال إن عمرو المذكور هو عمرو بن العاص، فهل هذا صحيح أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبيت المذكور هو من قصيدة طويلة لأبي فراس الحمداني أنشأها في السجن يقول في مطلعها:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر * أما للهوى نهي عليك ولا أمر
إلى قوله:
ولا خير في دفع الردى بمذلة * كما ردها يوما بسوءته عمرو...
وقد ذكرها الثعالبي في ثمار القلوب قال عبد الرحيم العباسي في معاهد التنصيص على شواهد التخليص: يريد (الشاعر) عمرو بن العاص رضي الله عنه لما ضربه علي رضي الله عنه يوم صفين فاتقاه بسوأته كاشفا عنها فأعرض وقال عورة المرء حمى.... ووقع مثل ذلك لبشر يقول الحارث بن النضر السهمي:
أفي كل يوم فارس ليس ينتهي * وعورته وسط العجاجة باديهْ
يكف بها عنه علي سنانه * ويضحك منه في الخلاء معاوية
بدت أمس من عمرو فقنع رأسه * وعورة بشر مثلها حذو حاذية... ألخ.
إذاً فالبيت لأبي فراس والمقصود بعمرو فيه كما قالوا هو عمرو بن العاص رضي الله عنه، ولكنه خبر من أخبار الشعراء والأدباء وروايتهم فيها ما فيها، وقد قال الله تعالى: وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ* أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ* وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ {الشعراء:224-225-226}، وكل من ذكر تلك القصة هم من مناوئي عمرو بن العاص ومعاوية ولا تقبل شهادة الخصم على خصمه فهو ظنين، ولذا قيل تاريخ الأمويين كتبه العباسيون وهم خصومهم فزادوا فيه ونقصوا فينبغي الحذر كل الحذر.
والخلاصة: أن هذا الخبر لا يثبت به شيء سيما في حق أحد الصحابة الكرام ودهات العرب وعظماء الإسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه.
والله أعلم.