عنوان الفتوى : العلم بأحوال القبور والآخرة يقمع الشهوات والأهواء
أنا زوجي يا شيخ عنده علاقات محرمة و لا يقاوم أي امرأة حتى محارمه وبناته والشغالة وأنا الحمد لله محافظة على بناتي لكني خائفة عليهن في نفس الوقت ولا أحس بأمان في البيت وعيشتي كلها قلق وتوتر مع العلم أنه متزوج أمرأة ثانية علي والحمد لله ـ احنا كافينا بس عينه زايغة ـ وجزاك الله خيرا يا شيخ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أولى ما يجب الاعتناء به في علاج هذه الأخطاء التي ذكرت وغيرها من أنواع الانحرافات التركيز على تقوية الإيمان، وإصلاح القلوب، وإتقان الصلاة، والحرص على تقوية صلة النفوس بالله تعالى، والإكثار من الحديث عن الأسباب المعينة على خشية الله تعالى، والرغبة في ما عنده واستشعار مراقبته، والإكثار من الحديث عن الآخرة والقبر والجنة والنار، والترغيب في ذكر الله تعالى، وتعليم الأحكام الشرعية، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لاتزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا....
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.
وقال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}
وفي الحديث: وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. رواه أحمد والترمذي والحاكم، وصححه الألباني.
وقد دل الحديث على أن العلم بأحوال القبور والآخرة يقمع الشهوات والأهواء، وذلك حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.
فعليك أن تحرصي على هداية زوجك وتنصحيه وترغبيه في الأعمال الصالحة ومجالسة أهل الخير, وتكرري تذكيره ونصحه قدر المستطاع, وحضه على سماع الأشرطة النافعة وصحبة الصالحين، ويمكن أن تسعي بواسطة من تعرفينه من الأخوات الملتزمات في اتصال الإخوة الملتزمين به وإقامتهم معه علاقات لينصحوه ويعينوه على التقوى لعل الله ينفعه بذلك، فـ (المرء على دين خليله) كما في حديث أحمد وأبي داود والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وعليك أن تكثري سؤال الله له بالهداية في أوقات الإجابة، كما ينبغي أن توفري له من الأحاديث الشيقة والطرف ووسائل الترفيه والإمتاع والمؤانسة ما يشغله عن التفكير في غيرك، وغير زوجته الأخرى، ويمكن أن تطالعي بعض التوجيهات حول هذا الموضوع في كتاب تحفة العروس، وفي غيره من الرسائل.
ويتعين منع الشغالة من التبرج أمامه, وأن تحرصي على عدم اتخاذ شغالة جميلة, وأن تؤكدي عليها عدم مخالطة الرجال.
وينبغي أن تتعاوني مع أختك الثانية على هداية زوجكما واستقامته فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل المرأة التي تعين زوجها على دينه وآخرته. فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وفي رواية: ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
كما دعا بالرحمة لمن تقوم تصلي من الليل وتوقظ زوجها حتى يصلي، فقال: رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم وصححه الألباني.
ويضاف إلى هذا عموم ما ذكره القرآن من التأكيد على التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى. قال تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {العصر:1 – 3}
وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى {المائدة:2} وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ {التوبة:71}
وبناء على هذا.. فاحرصا على استقامة زوجكما على الطاعة، وتعاونا معه على مجلس علم في البيت من أحاديث الترغيب، وكتب الرقائق.
والله أعلم.