عنوان الفتوى : السعي في تعليم الأهل وإرشادهم والإنكار عليهم
أشكركم جميعاً وأشكر كل من شارك في هذه الشبكة الإسلامية وبارك الله فيكم جميعاً، ولكن عندي سؤال، أنا من مصر ولكني لا أعيش حياة سعيدة إلا إذا كنت بعيداً عن أهلي لأنهم أناس عاشوا في الجهل زماناً طويلاً وللأسف لم يخرجوا منه حتى الآن، أريد منكم من يوجههم إلى الطريق المستقيم، منهم من لا يصلي مع أنه لا يعمل وأشياء أخرى كثيرة وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً، إني أريد من ينصحهم إلى الطريق المستقيم، أنا أريد أن أصلحهم؟ وأشكركم جداً، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد وأن يصلح لك أهلك ويردهم إليه رداً جميلاً إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونقول لك إن من الخسران المبين يوم القيامة أن يخسر الرجل أهله فيرى أمه وأباه أو أخته وأخاه أو زوجته وفلذات كبده يتقحمون نار جهنم، كما قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ {الزمر:15}، ولذا فإن الله سبحانه وتعالى قد أمر المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته. رواه ابن حبان، فهذه بعض الآيات والأحاديث التي تدل على وجوب القيام على الأهل تعليماً وإرشاداً وإنكاراً، فاحرص على ذلك، واستعن عليه بكثرة الدعاء والاستغفار، وكن حازماً -في بعض الأحيان- إذا اقتضى الأمر ذلك حتى لا تخسرهم يوم القيامة، واصبر على دعوتهم إلى الحق ومجاهدتهم عليه ولا تعجز، فقد دعا نوح قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم قومه في مكة ثلاث عشرة سنة قبل أن يهاجر، ولا تتركهم للشيطان يلعب بهم ذات اليمين وذات الشمال، فإنهم في شركه وظلماته، فأضئ لهم درب الهداية بنور الحق وأطرهم عليه أطرا، ولكن لا تحملهم عليه جملة فيدفعوه جملة كما قال عمر بن عبد العزيز، فابدأهم بالصلاة والمحافظة عليها لأن تركها قد يؤدي إلى الكفر عياذاً بالله، كما بينا في الفتوى رقم: 6061.
ثم ترك الكبائر الموبقة، وأحسن ما يفيدك بعد توفيق الله عز وجل في ذلك الصحبة الصالحة لهم ولنفسك، فتعرف على المشايخ والدعاة إلى الله واصبر نفسك معهم على سبيل الاستقامة، وانظر الفتوى رقم: 12744، والفتوى رقم: 1208، وإياك أن تقنط أو تقول عجزت فإن ذلك من كيد الشيطان، فاصبر على أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وأكثر من الدعاء والاستغفار، وإذا فعلت ذلك برئت ذمتك، ويصدق عليك حينئذ قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105}، فإنك لا تملك هدايتهم كما قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء {القصص:56}، وقال: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ {فاطر:8}، فما على المرء إلا أن يسعى ويبذل جهده، فإن فعل ذلك فقد أدى ما عليه، وللاستزادة راجع الفتوى رقم: 6675، والفتوى رقم: 10574 ونعتذر إليك عن الاتصال المباشر، فليس ذلك من خدمات الموقع، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه ويسدد على درب الخير خطاك إنه سميع مجيب.
والله أعلم.