عنوان الفتوى : استعمال المعاريض عند الحاجة
أعمل باستقبال إحدي الشركات الكبيرة في السودان وبحكم عملي أضطر في بعض الأحيان أن أقول كلاما غير صحيح مثل أن المدير العام غير موجود أو أن الموظف فلان غير موجود ولكن في الحقيقه أنهم موجودون، ولكن لأمر ما لا يريد المدير مقابلتهم وأنا أعلم أن معظمهم يريد التبرع أو المساعدة ومعظمهم يحضرون إلينا باستمرار وبدون حياء أو خجل حتى أن المدير نفسه لا يستطيع أن يقابلهم لأن معظمهم من أهله ومعارفه, وفي بعض الأحيان يأتي إلي أحد الموظفين ويعطيني الجوال ويقول لي قل للمتصل إنني في اجتماع أو إنني خارج الشركة وهذا الأمر يزعجني كثيراً, أرجو من سيادتكم التكرم بالرد في أسرع فرصة ممكن؟ وجزاكم الله عنا وعن الأمة الإسلامية خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الكذب معصية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. متفق عليه.
وعليه فلا تجوز لك أن تطيع رؤساءك فيما يأمرونك به من الكذب، ولكن لك أن تستعمل المعاريض، والمعاريض جمع معْراض، وهو ذكر لفظ محتمل يفهم منه السامع خلاف ما يريده المتكلم.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: فإن المعاريض عند الحاجة والتأويل في الكلام، وفي الحلف للمظلوم بأن ينوي بكلامه ما يحتمله اللفظ، وهو خلاف الظاهر، كما فعل الخليل صلى الله عليه وسلم، وكما فعل الصحابي الذي حلف أنه أخوه وعنى أنه أخوه في الدين، وكما قال أبو بكر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: رجل يهديني السبيل. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم للكافر الذي سأله ممن أنت؟ فقال: نحن من ماء. إلى غير ذلك أمر جائز.
ولم يزل السلف يتحرون التباعد عن الكذب بالتعريض، فكان بعضهم إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية: قولي له: اطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذبا، وكان بعضهم يخط دائرة ويقول للجارية ضعي الأصبع فيها وقولي ليس ههنا، ونحو ذلك من المعاريض، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29954، 47558، 4512.
والله أعلم.