عنوان الفتوى : توصيل الإنترنت لمن يستخدمه في الأمورالمحرمة
أعمل فى إحدى المؤسسات ويوجد بعض المحلات بجانب هذه المؤسسة، ووظيفتى هي أعمال الصيانة للكمبيوتر والتركيبات الخاصة به، فى يوم من الأيام عرضت على المؤسسة التي أعمل بها أن نقوم بتأجير خطوط للإنترنت لهذه المحلات ونقوم بزيادة الدخل لدينا وبالفعل تم توصيل الإنترنت لهم، ولكن بعد ذلك اكتشفت أنهم يستخدمونها في الشات والأغانى بالطبع، المحل الأول غير مسلم ويستخدمها فى الشات والثاني غير مسلم ويستخدمها استخداما طبيعيا، والثالث مسلم ويستخدمها فى تنزيل الأغاني، مع العلم بأنه يعمل كمغن، أعلم أنه علي أن أقطع هذه الوصلات، ولكن سؤالي هو: عندما أقطع هذه الخطوط سوف ألحق الضرر بالمؤسسة التي أعمل بها عن طريق منع الدخل وسوف أضطر إلى الكذب كأن أقول إن النظام لا يستطيع تحمل هذه الأحمال الزائدة.. ما رأيكم، هل توصيل الإنترنت إلى غير المسلمين جائز مع علمي باستخدامه في الحرام؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان توصيلك لهذه الخدمة دون علم منك بالأشياء المحرمة التي ستترتب عليها فلا نرى عليك إثماً في ذلك، أما إذا كنت تعلم أو يغلب على ظنك أنهم سيستخدمون هذه الخدمة في أمور محرمة ثم أقدمت على هذا الفعل، فالواجب عليك الآن أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما حصل منك مع العزم على عدم العودة إليه أبداً.
والواجب عليك في كل الأحوال أن تزيل هذا المنكر بقدر طاقتك، ولو كان ذلك بالكذب لأنه لا خير في مال يدره مثل هذا على الشركة التي تعمل فيها، وقد نص العلماء على جواز الكذب لكف الغير عن الشر، قال الإمام النووي في مقدمته للمهذب: الثانية عشرة: قال الصيمري إذا رأى المفتي المصلحة أن يفتي لعامي بما فيه تغليظ وهو مما لا يعتقد ظاهره، وله فيه تأويل، جاز ذلك زجرا له، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن توبة قاتل فقال: (لا توبة له) وسأله آخر فقال: (له توبة) ثم قال: أما الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكينا قد ضل فلم أقنطه. قال الصيمري وكذا إن سأله رجل فقال: إن قتلت عبدي علي قصاص؟ فواسع أن يقول: إن قتلت عبدك قتلناك، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل عبده قتلناه. ولأن القتل له معان: ولو سئل عن سب الصحابي هل يوجب القتل؟ فواسع أن يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سب أصحابي فاقتلوه. فيفعل كل هذا زجراً للعامة، ومن قل دينه ومروءته. انتهى.
ولأن الكذب جائز لتحصيل كل غرض محمود شرعا، كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35822، 41582، 45477.
ويستوي فيما ذكرنا الكافر والمسلم، إذ لا يجوز إعانة الكافر على ما هو معصية لله وإن لم يعتقد الكافر حرمته، لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة في المعاملات بالإجماع، وراجع الفتوى رقم: 37319، والفتوى رقم: 20318.
والله أعلم.