عنوان الفتوى : تلك ضراوة الإسلام وشرته

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

الحمد الله الذي هداني فلم أعد أستمع إلى الأغاني والحمد الله كنت مواظبة منذ فترة على الأذكار فى الصباح و المساء و حوالى 2000 تسبيحة تقريباً و بدأت أحفظ الجزء الثلاثين من القرآن و بعد فترة وجدتنى لا رغبة فى عمل أى شىء بل و أشعر بفتور حتى الصلاة أصبحت تأدية واجب و لست أدرى ما الحل فلقد اعتقدت أنه حسد خاصة أن هذه الحالة ظهرت لى بعد معرفة زوجة أخي زوجي أني حامل و كذلك أخواتي فما هذا الذى أشعر به ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فنسأله سبحانه وتعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك إنه سميع مجيب .

وأما ما تجدينه من فتور وكسل في العبادات بعد الإقبال على الله والتوبة، فإما أن يكون ذلك مع المحافظة على الفرائض والاقتصاد في الطاعات فذلك خير، وقد يكون سببه الشره في العبادة وتحميل النفس ما لا تطيق منها، ففي الحديث الذي أخرجه ابن عبد البر في التمهيد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل عمل شرها. أي اندفاعاً نحوه وإكثارا منه وحرصاً عليه.. قال: ولكل شره فترة. أي فتور عنه وانقطاع .

وأخرج أحمد في مسنده عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجال يجتهدون في العبادة اجتهاداً شديداً! فقال: تلك ضراوة الإسلام وشرته، ولكل ضراوة شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى اقتصاد وسنة فنعما هو، ومن كانت فترته إلى المعاصي فقد هلك. قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره .

فإذا كان فتورك مع المحافظة على الفرائض والاقتصاد في النوافل فهو خير وينبغي أن تدومي عليه ولا تجهدي نفسك وتكلفيها ما لا تطيقه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك. أخرجه البيهقي.

فمتى تكلف العبد ما لا يطيقه من العمل لحقه الملل وأدركه الضعف والسآمة وانقطع عمله. وقليل دائم خير من كثير منقطع، كما في الحديث عند مسلم وغيره قوله صلى الله عليه وسلم: أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه ولو قل. 

وأما إن كان فتورك إلى المعاصي والإقبال على شهوات النفس وحظوظها والتكاسل عن أداء الفرائض والواجبات فأدركي نفسك فذلك الهلاك؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ومن كانت فترته إلى المعاصي فذلك الهالك.

فننصحك أيتها الأخت الكريمة بالمحافظة على الفرائض والواجبات على أكمل وجه وأتمه؛ لما في الحديث: ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه. ثم انظري في النوافل ما تستطيعين المداومة عليه لتكمل ما قد يحصل من نقص في الفرائض، ولا تجهدي نفسك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه واللفظ لمسلم .

هذا.. مع البعد عن المعاصي جميعها وأصحابها، فخير ما يعين المرء على الالتزام بعد توفيق الله عزوجل الرفقة الصالحة والبعد عن أصحاب السوء؛ كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف: 28} 

وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم : 15219 ، 1208 ،010943 ،1891 ،17666 .

والله أعلم .