عنوان الفتوى : حرمة الغش في الامتحانات كحرمته في سائر المعاملات
أنا أعمل معلمة بإحدى المدارس الإسلامية ولكن للأسف تنتشر عادة الغش فيها كأي مدرسة أخرى ورغم علمي بأن الغش حرام شرعا فلا أستطيع إقناع الأطفال بهذا لعدة أسباب أولها أن هذا هو السائد في المجتمع فيعتبر الغش نوعا من أنواع الفهلوة إن كنت تفهم ما تعنيه هذه اللفظة ونوع من اتساع الحيلة والقدرة علي التصرف وإن قلت إنك بهذه الطريقة تضيع حق الآخرين ممن اجتهدوا وذاكروا تجد من يرد عليك ليقول وأنا ماذا أفعل إن كانت قدرتي علي التحصيل ضعيفة ، هكذاخلقني الله لم يتميز الآخر عني؟ ثم إن ما يهمني هو نفسي أريد أن أنجح أنا أيضا ما العيب أن ننجح جميعا؟ من الناحية الثانية انتشار رأي غريب فعندما تروي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم من غشنا فليس منا تجد من يقول لك أن هذا الحديث قد قيل في موقف للبيع والشراء ولم يكن في امتحان ولم يرد عن رسول الله قول في الامتحانات فهو مسكوت عنه ولا دليل لحرمته هذا الرأي لم يأت به التلاميذ من أحد الفقهاء ولكنهم بنوه علي خبرتهم وعلمهم الواسع أعلم أنه منطق طفولي ولي لأعناق الحق ولكنه يقنع الأطفال علي كل حال وللأسف تجد أولياء الأمور يرحبون بالغش فإذا حدثت أحدهم يقول لك وما يضيرك أن يأخذ ابني درجة أو اثنتين زيادة هل تأتين بالدرجات من جيبك الخاص؟ أيضا بعض المعلمات عندما كن طالبات كن يدمن الغش فعندما تقول تلك المعلمة للتلاميذ الغش حرام تقوله بدون إيمان حقيقي وبالتالي يصل الكلام كمجرد شعار لا يتخطى أذن التلميذ قد أعيتني الحيل ولكني مصممة أن أجد طريقة فهلا ساعدتموني؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الغش محرم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليس منا. أخرجه مسلم عن أبي هريرة، وأخرج عنه أيضاً: من غش فليس مني. فهذا الحديث وإن كان مورده في البيع، فإن في ألفاظه من العموم ما يدل على شموله للغش في الامتحان وغيره، وقد قال العلماء إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وبهذا يعلم أن الغش في الامتحانات خلق ذميم ومحرم لعموم ما تقدم، ثم إن مما يدل لشمول دلالة الأحاديث المتقدمة لتحريم الغش في الامتحانات أن الغش في الامتحان فيه خيانة للمجتمع والطلاب، فهو يبطل الحكمة المرادة من الامتحان، ويجعل الكسول والبليد وغير المستحق يفوز على حساب المواظب والذكي والمستحق، وفي ذلك من الظلم واختلال المصلحة ما لا يخفى، ثم إن الطالب الذي يجتاز الامتحان بالغش يحصل على شهادة، وبموجب هذه الشهادة يتولى مسؤولية، إما في التعليم أو الطب أو غيرهما، ويصبح مؤتمنا على ما تولى، وكيف يصح له أن يتولى عملاً ويأخذ في مقابله مالاً وهو إنما حصل عليه بالغش والحيلة؟ هذا ظلم لنفسه، وظلم وخيانة لعموم الأمة، فالغش في الامتحانات أعظم من الغش في كثير من المعاملات.
ثم إنه بإمكان المعلمين وأولياء الأمور أن يساعدوا طلابهم بغير التغاضي عن غشهم كأن يقوموا بتدريبهم في خارج أوقات المدرسة، ويشرحوا لهم ما يغلق عليهم فهمه، وعليهم كذلك أن يقنعوا الطلاب بترك الغش ويبثوا الثقة في نفوسهم، ويشجعوهم على التفوق والابتكار والإبداع، وعدم الاتكال على الغش ويحثوهم على التوكل على الله، ويبينوا لهم أن مهمة التعليم هي استفادة الطالب العلمية لا مجرد نجاحه.
والله أعلم.