عنوان الفتوى : معنى الفتنة والغيبة
ما هي الفتنة؟ وما حكمها؟ وهل هي الغيبة؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وردت الفتنة في القرآن بعدة معان، منها: الكفر والشرك، قال تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ {الأنفال: 39}. قال القرطبي: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي: كفر. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى التشكيك وإضلال الناس، قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ {آل عمران: 7}. قال القرطبي: قال شيخنا أبو العباس: وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى الابتلاء والامتحان والاختبار الشديد، وهذا أكثر ورودها في القرآن، قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأبناء: 35}. وقال أيضاً: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {الأنبياء: 111}. وقال سبحانه: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ {المائدة: 71}. وقال أيضا: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ {التغابن: 15}. قال القرطبي: فتنة: أي اختبار امتحنهم بها. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى المحنة بالحرب، قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ {الأنفال: 73}.
وتأتي الفتنة بمعنى الإفساد والتحريض، قال تعالى: لو خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ {التوبة: 47}. قال القرطبي: والمعنى: يطلبون لكم الفتنة أي الإفساد والتحريض. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى المعصية، قال تعالى: أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا {التوبة: 49}. قال القرطبي: أي في الإثم والمعصية وقعوا. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى القتل، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63}. قال القرطبي: والفتنة هنا: القتل. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى الأذى: قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ {العنكبوت: 10}. قال القرطبي: فتنة الناس أي: أذاهم. اهـ
وتأتي الفتنة بمعنى القتال، قال تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا {الأحزاب: 14}. قال القرطبي: وفي الفتنة هنا وجهان: أحدهما: سئلوا القتال في العصبية لأسرعوا إليه.. اهـ
ومما سبق يتضح أن الفتنة لم تأت في القرآن بمعنى الغيبة، وإنما تطلق الغيبة على ذكر الناس في غيبتهم بما يكرهون، وهذا مصطلح قرآني ونبوي، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 39851، والفتوى رقم: 6710.
وأما حكم الفتنة، فإنه يختلف باختلاف المراد منها.
والله أعلم.