عنوان الفتوى : هل تقبل توبة من قتل مؤمنا متعمدا
قال النبي صلى الله عليه وسلم (أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة), وقال (كل ذنب عسى الله أن يغفره؛ إلا من مات مشركا، أو مؤمن قتل مؤمنا متعمدا) السلسلة الصحيحة, ما الجمع بين هذين الحديثين المانعين للتوبة في ظاهريهما ونصوص التوبة للقاتل في الكتاب والسنة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جمع جمهور أهل العلم بين ما ذكرت بحمل هذين الحديثين وآية النساء على التغليظ كما قال ابن حجر في الفتح، وتابعه صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داود حيث قال في شرح هذا الحديث: واعلم أن هذا الحديث بظاهره يدل على أنه لا يغفر للمؤمن الذي قتل مؤمنا متعمدا، وعليه يدل قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ {النساء: 93} وهذا هو مذهب ابن عباس، لكن جمهور السلف وجميع أهل السنة حملوا ما ورد من ذلك على التغليظ وصححوا توبة القاتل كغيره وقالوا معنى قوله: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ، أي إن شاء يجازيه تمسكا بقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ومن الحجة في ذلك حديث الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم أتى تمام المائة إلى راهب فقال له لا توبة لك فقتله فأكمل به مائة، ثم جاء آخر فقال له: ومن يحول بينك وبين التوبة.... الحديث. وإذا ثبت ذلك لمن قبل هذه الأمة فمثله لهم أولى لما خفف الله عنهم من الأثقال التي كانت على من قبلهم.
والله أعلم.