عنوان الفتوى : القطع والضمان في السرقة الجماعية
أردت أن أسألكم حفظكم الله عن عقاب السرقة الجماعية، وهل يعاقب الجميع أم أن منفذ السرقة بحد ذاته يعاقب فقط، ثم أسألكم عن مراجع يمكن الاستعانة بها؟ وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسرقة الجماعية لها حالتان:
الأولى: أن يباشر الجميع السرقة فيحملون المسروق من حرزه معاً فهؤلاء شركاء في الضمان وشركاء في القطع.
والثانية: أن يباشر البعض ويتسبب البعض بإعانة من غير مباشرة فالضمان على الجميع والقطع على من باشر.
قال الهيتمي في تحفة المحتاج 9/145: (ولو نقب واحد وأخرج غيره) ولو بأمره ما لم يكن غير مميز أو أعجمياً يعتقد وجوب الطاعة بخلاف نحو قرد معلم لأن له اختياراً وإدراكاً وإنما ضمن إنساناً أرسله عليه لأن الضمان يجب بالسبب بخلاف القطع (فلا قطع) على واحد منهما لأن الأول لم يسرق والثاني أخذ من غير حرز نعم إن ساوى ما أخرجه بالنقب من آلات الجدار نصابا قطع الناقب كما نص عليه وإن لم يقصد سرقة الآلة لأن الجدار حرز لآلة البناء، ومعنى قولهم أولاً لم يسرق أي شيئاً من داخل الحرز أو كان بإزاء النقب ملاحظ يقظان فتغفله المخرج قطع أيضاً (ولو تعاونا في النقب) ولو بأن أخرج هذا لبنات وهذا لبنات (وانفرد أحدهما بالإخراج أو وضعه ناقب بقرب النقب وأخرجه آخر) ناقب أيضاً إذ المقسم أنهما تعاونا في النقب فلا اعتراض عليه لا سيما مع قوله قبله وأخرج غيره فلا قطع ثم رأيت البلقيني صرح بنحو ذلك وقال سبب توهم الاعتراض تحويله الكلام من أحدهما إلى الناقب لكن الفاضل لا يخفى عليه ذلك (قطع المخرج) فيهما لأنه السارق. انتهى.
وقال صاحب منح الجليل، نقلاً عن ابن رشد: إذا اجتمع القوم في الغصب أو السرقة أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن بجميع ما أخذوه، لأن بعضهم قوى بعضا، كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعاً، وإن ولي القتل أحدهم وحده. انتهى.
وللاستفادة حول هذا الموضوع والتوسع فيه يراجع ما كتبه الأستاذ عبد القادر عودة في كتابه القيم التشريع الجنائي في الإسلام تحت مباحث (تعدد الجناة)، و (الإعانة)، و(الأخذ بالتسبب) من كتاب السرقة، ويراجع أيضاً ما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتيه تحت عنوان (الاشتراك في الأخذ).
والله أعلم.