عنوان الفتوى : امرأة الزاني تصير زانية من وجوه كثيرة
يوجد آية بالقرآن الكريم فيما معناها " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك " فعلي سبيل المثال إن زنى شخص ما وتاب بعد ذلك وتزوج هل تكون زوجته زانية في الأصل مع تطبيق الآية الكريمة . والعكس ؟ أم إذا تاب كأنه بدأ من جديد ولا يعتبر زانيا. وكذلك إن تاب وأعرض عن الزنا ولكن المعصية مازالت في قلبه ويتمناها على الرغم من أنه يجاهد نفسه ويحاربها لتركه إياها ويترك المعصية خوفا من الله سبحانه وتعالى ولكنه في نفسه يتمنى الزنا للذته فقط .. وتزوج بعد ذلك أتكون زوجته صالحة . فأنا لا أستطيع تفسير الآية الكريمة أم لها تفسير آخر غير الذي أنا أفكر فيه ... أفيدوني ولكم الدعاء .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا تفصيل القول في تفسير قوله تعالى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور: 3} في الفتوى رقم: 5662 والفتوى رقم: 11295 فراجعهما.
والآية تتحدث عن الزاني والزانية اللذين لم يتوبا، أما إذا تاب الزاني أو تابت الزانية فإن الآية لا تشملهما، قال ابن حزم في المحلى: ولا يحل للزاني المسلم أن يتزوج مسلمة لا زانية ولا عفيفة حتى يتوب، فإن تاب حل له نكاح العفيفة المسلمة حينئذ. وقال ابن قدامة في المغني: وإذا زنت المرأة لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين: أحدهما: انقضاء عدتها.. والشرط الثاني: أن تتوب من الزنا.. ثم قال: وهي قبل التوبة في حكم الزنا، فإذا تابت زال ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.اهـ. رواه ابن ماجه والطبراني، وحسنه الألباني.
إلا أننا ننبه إلى أن من شروط التوبة الندم على المعصية، والعزم على عدم العودة إليها، ومن علامة عدم قبول التوبة -نسأل الله العافية- تمني الرجوع إلى الذنب والتلذذ بتذكره، وقد فصلنا القول في شروط قبول التوبة في الفتوى رقم: 29785 والفتوى رقم: 4603 فارجع إليهما.
والزاني إذا لم يتب توبة صادقة يخشى أن تصبح زوجته مثله، وهذا ما يشهد به الواقع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (32/120-121) الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة.. هذا يدل على أن الزاني الذي لم يتب لا يجوز أن يتزوج عفيفة.. وأيضا فإنه إذا كان يزني بنساء الناس كان هذا مما يدعو المرأة على أن تمكن منها غيره كما هو الواقع كثيرا، فلم أر من يزني بنساء الناس أو ذكران إلا حمل امرأته على أن تزني بغيره مقابلة على ذلك ومغايظة.. وأيضا فإذا زنى بنساء الناس طلب الناس أن يزنوا بنسائه كما هو الواقع، فامرأة الزاني تصير زانية من وجوه كثيرة، وإن استحلت ما حرمه الله كانت مشركة، وإن لم تزن بفرجها زنت بعينها وغير ذلك، فلا يكاد يعرف في نساء الرجال الزناة المصرين على الزنا الذي لم يتوبوا منه امرأة سليمة سلامة تامة، وطبع المرأة يدعو إلى الرجال الأجانب إذا رأت زوجها يذهب إلى النساء الأجانب.. فقوله {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً} إما أن يراد أن نفس نكاحه ووطئه لها زنا، أو أن ذلك يفضي إلى زناها. انتهى كلام ابن تيمية.
وهذا من باب الجزاء من جنس العمل. قال ابن مفلح في الآداب الكبرى: قال بعض العباد: نظرت امرأة لا تحل لي فنظر زوجتي من لا أريد.
فليحذر إذاً الزاني الذي لم يتب من أن يكون سببا في وقوع زوجته في الزنا، نسال الله لنا ولجميع المسلمين العافية والسلامة من هذا الذنب العظيم.
وننبهك إلى أن القرآن لا يفسر إلا عن علم، ولا يجوز تفسيره بالرأي أو التخريص الذي لا يعتمد على علم، وراجع الفتاوى التالية: 20704، 20711، 21250.
والله أعلم.