عنوان الفتوى : بدعة صلاة الرغائب
هل صلاة الرغائب سنة يستحب صلاتها؟
الحمد لله.
صلاة الرغائب من البدع المحدثة في شهر رجب، وتكون في ليلة أول جمعة من رجب، بين صلاتي المغرب والعشاء، يسبقها صيام الخميس الذي هو أول خميس في رجب.
وأول ما أُحدثت صلاة الرغائب ببيت المقدس، بعد ثمانين وأربعمائة سنة للهجرة، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها، ولا أحد من أصحابه، ولا القرون المفضلة، ولا الأئمة، وهذا وحده كافٍ في إثبات أنها بدعة مذمومة، وليست سنة محمودة.
وقد حذر منها العلماء، وذكروا أنها بدعة ضلالة.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/548):
" الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي ثنتا عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب، وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط في ذلك، وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا نفيسا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد رحمه الله." انتهى
وقال النووي – أيضاً - في "شرح مسلم":
" قاتل الله واضعها ومخترعها، فإنها بدعة منكرة من البدع التي هي ضلالة وجهالة وفيها منكرات ظاهرة. وقد صنف جماعة من الأئمة مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل فاعلها أكثر من أن تحصر. " انتهى
وقال ابن عابدين في "حاشيته" (2/26):
" قال في "البحر": ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب في أولى جمعة منه وأنها بدعة...
وللعلامة نور الدين المقدسي فيها تصنيف حسن سماه "ردع الراغب عن صلاة الرغائب" أحاط فيه بغالب كلام المتقدمين والمتأخرين من علماء المذاهب الأربعة." انتهى باختصار
وسئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله: هل تجوز صلاة الرغائب جماعة أم لا؟
فأجاب: " أما صلاة الرغائب فإنها كالصلاة المعروفة ليلة النصف من شعبان بدعتان قبيحتان مذمومتان وحديثهما موضوع فيكره فعلهما فرادى وجماعة." انتهى "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/216).
وقال ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/294):
" ومن البدع التي أحدثوها في هذا الشهر الكريم (يعني شهر رجب): أن أول ليلة جمعة منه يصلون في تلك الليلة في الجوامع، والمساجد صلاة الرغائب، ويجتمعون في بعض جوامع الأمصار ومساجدها ويفعلون هذه البدعة ويظهرونها في مساجد الجماعات بإمام وجماعة كأنها صلاة مشروعة.... وأما مذهب مالك رحمه الله تعالى: فإن صلاة الرغائب مكروه فعلها، لأنه لم يكن من فعل من مضى، والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم " انتهى باختصار.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات المسئول عنها: كصلاة الرغائب في أول جمعة من رجب، والألفية في أول رجب، ونصف شعبان. وليلة سبع وعشرين من شهر رجب، وأمثال ذلك فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام، كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع، وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام، وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله." انتهى "الفتاوى الكبرى" (2/239).
وسئل شيخ الإسلام - أيضاً - عنها فقال:
" هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا أئمة المسلمين، ولا رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من السلف، ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها. والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك ; ولهذا قال المحققون: إنها مكروهة غير مستحبة. " انتهى "الفتاوى الكبرى" (2/262).
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (22/262):
" نص الحنفية والشافعية على أن صلاة الرغائب في أول جمعة من رجب، أو في ليلة النصف من شعبان بكيفية مخصوصة، أو بعدد مخصوص من الركعات بدعة منكرة...
وقال أبو الفرج بن الجوزي: صلاة الرغائب موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه. قال: وقد ذكروا على بدعيتهما وكراهيتهما عدة وجوه منها: أن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين لم ينقل عنهم هاتان الصلاتان، فلو كانتا مشروعتين لما فاتتا السلف، وإنما حدثتا بعد الأربعمائة." انتهى
ولمزيد الفائدة، ينظر هذه الأجوبة: 60013، 60288، 36766، 75394، 171509، 440985.
والله أعلم.