عنوان الفتوى : الإسلام نسخ سائر الشرائع السابقة عليه
ما ورد في سورة المائدة 68: "قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليكم من ربكم"."ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" (العنكبوت 46)."قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" (آل عمران 64). "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق...."هل معنى ذلك أن المسيحيين على حق يعني لهم دينهم وهو صحيح ولنا ديننا الاسلام ويجب أن لا نجادلهم. أرجو الرد بكفاية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يقبل من أي نصراني بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد العلم به أن يتمسك بدين غير دين الإسلام لأن الإسلام قد نسخ جميع الأديان السابقة، ويدل لهذا قول الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ { آل عمران:85}. وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السبت{النساء: 47}. وفي الحديث: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. وأما الآيات المذكورة فليس فيها حجة على صحة كونهم على دين يمكن بقاؤهم عليه مع عدم إسلامهم، فأما آية المائدة فإنها تفيد أنهم ليسوا على شيء حتى يؤمنو بالإنجيل، ومما في الإنجيل أمرهم باتباع النبي صلى الله عليه وسلم. كما قال ابن كثير. وأما آية العنكبوت فذكر قتادة وغير واحد أنها منسوخة بآية السيف. وقيل إنها محكمة في حق من أراد الاستبصار فنجادله بالتي هي أحسن وإذا أخبر بشيء مما في كتبهم مما لم يرد في شرعنا ما يصدقه أو يكذبه فنقول آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم فالمعنى أنا نؤمن به بشرط أن يكون منزلا فعلا من عند الله. كذا قال ابن كثير في تفسيره. وأما آية آل عمران فإنها تتضمن دعوتهم لكلمة عادلة مستقيمة وقد فسرها بقوله أن لا نعبد إلا الله، فظهرأن المراد دعوتهم للتوحيد والبعد عن الشرك واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم كذا قال الشوكاني في التفسير. وهذا هو عين الدعوة للإسلام ويشهد له مافي الصحيحين عن أبي سفيان: إن في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهرقل ملك الروم، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإذا توليت فإن عليك إثم الأريسيين، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم. وأما آية البقرة فإن فيها أمرا بالإقرار والإيمان بالله وبما أنزل على النبيين وعدم التفريق بينهم وهذا هو الإيمان بالنبيين والكتب المنزلة الذي أوجب الله على كل أحد. فإذا اقتصر النصارى على الإيمان بعيسى وتركوا الإيمان بما نزل على محمد فقد كفروا بتفريقهم بين الرسل وإيمانهم ببعض دون بعض، وقد قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً*أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّا ً{النساء: 150ـ151}. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 39852 ، 2924 ، 27986، 5750.