عنوان الفتوى : حكم العمل مقابل راتب شهري ونسبة من الأرباح
بسم الله الرحمن الرحيم تحية وبعد : الموضوع فتوى بتاريخ 11/9/2001 قمت بالاتفاق مع شركة تعمل بمجال تجارة الحديد وعدد البناء على العمل لديهم بمختلف أعمال الشركة من شراء وبيع وتنزيل وتحميل بضائع وقد تم الاتفاق على حصولي على نسبة مئوية وهي بمقدار 25% من صافي الأرباح وقد بدأت الشركة برأس مال مقداره 10000$ ومن خلال العام الأول تم زيادة رأس مال الشركة وبشكل تدريجي بمقدار 100000$ ليصل رأس مال الشركة إلى 110000$ ولم يكن لي أي مساهمة برأس مال الشركة سواء من البداية أو بعد زيادة رأس مال الشركة وإنما كنت أحصل على نسبتي من الأرباح مقابل الأعمال التي أقوم بها فقط وبعد مضى السنة الأولى من العمل قمت بالاتفاق مع مدير الشركة على أن تكون نسبتي من الأرباح مقدار 20% وأن أحصل على راتب شهري مقداره 350$ ومنذ ما يقارب العام قام مدير الشركة بالسفر إلى خارج البلاد لمدة عام مع العلم أن هذا المدير كان أحد الشركاء الأساسيين بالشركة وكان متواجداً بشكل رئيسي بالشركة ومسؤولا عن كافة نشاطات الشركة وكان يمتلك حق اتخاذ كافة القرارات المتعلقة بعمل الشركة وأثناء سفر هذا الشريك تمت زيادة راتبي الشهري إلى 550$ شهريا وذلك بالاتفاق مع أحد الشركاء المتواجدين بالشركة وبشكل رئيسي مع العلم بأنه نتيجة للأوضاع السائده عندنا في فلسطين كان يتطلب الحصول على التصاريح اللازمة للمرور من خلال الحواجز العسكريه وكذلك للدخول إلى إسرائيل لمتابعة كافة أعمال الشركة ومتابعات مع الموردين من الجهات المختصه وقد تم ذلك من خلال حصولي على بطاقة من الغرفة التجارية باسم الشركة التي أعمل بها لتسهيل حصولي على التصاريح اللازمة وقد كان بحوزتي تلفون خلوي عدد 2 تتحمل الشركة كافة مصاريفها الشهرية من فواتير ورسوم مكالمات وكذلك كانت بحوزتي سيارة ملك لي بشكل شخصي وكنت أستعلمها في كافة الأعمال التي تخص الشركة وكانت الشركة تتحمل مصاريف الوقود التي تخص السيارة وأثناء فترة عملي بالشركة قمت بنسج علاقات مع العديد من التجار والتعرف عليهم وبناء علاقات تجارية معهم باسم الشركة وذلك من موردين وزبائن وأصبحت أملك شخصية اعتبارية كوني ممثل للشركة أمام التجار وأثناء سفر المدير المسؤول قمت بالاتفاق مع بعض التجار والموردين على تزويدي ببضائع للتجارة بها وكانت هذه البضائع جزء منها من ضمن البضائع التي تعمل بها الشركة التي أعمل بها وجزء آخر لا يتعلق بموضوع أعمال الشركة مثل الأجهزة الكهربائية وكانت هذه الأعمال لحسابي الشخصى دون أن يكون هناك أية علاقة للشركة بها ودون علمهم بما أقوم به وكنت أمارس هذه الأعمال أثناء فترة عملي بالشركة واستعملت الكثير من الامتيازات التي حصلت عليها من خلال عملي بالشركة مثل التلفونات الخلوية والبطاقات التجارية واسم الشركة في تعاملي مع الموردين والزبائن إلا أنني تحملت مصاريف أحد الأجهزة الخلوية على نفقتي الشخصية وقد حققت أرباحا جيدة من خلال هذا العمل الشخصي وقبل ما يقارب الشهرين عاد مدير الشركة إلى البلاد وقد علم بما أقوم به من أعمال وأخبرني بأن هذا العمل لا يجوز وأن هذه الأرباح التي حققتها لا تجوز شرعا ولا يجوز لي العمل بشكل شخصي طالما أنا أعمل بالشركة وأنني يجب أن أخضع أرباحي التي حققتها من عملي الشخصي إلى أرباح الشركة وأن أحصل فقط على نسبتي المتفق عليها بالعمل مع الشركة مع العلم أنني سددت ثمن هذه البضائع من أموالي الخاصة ولم أستعمل أموال الشركة من هنا أرجو من حضرتكم بيان الحكم الشرعي بما قمت به وهل الأرباح التي حققتها هي حق لي لوحدي أم هل للشركة التي أعمل بها أي حق؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: حكم الاتفاق الذي حصل بينك وبين الشركة على أن تعمل لديهم ولك مقابل ذلك نسبة من الأرباح ولك إضافة إلى ذلك راتب شهري، وهذا الاتفاق فيه محذور شرعي، لأنه إن كان العقد مضاربة فلك نسبة من الربح وليس لك راتب، وإن كان العقد إجارة فلك راتب وليس لك نسبة، لأن ذلك يجعل الأجرة مجهولة وفيها غرر، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الغرر كما في صحيح مسلم، وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.
قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه، أو دفع غزلاً إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه أو غزلاً إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وقال ابن سيرين: إذا قال: بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك، فلا بأس به.
وأما أن تجمع بين العقدين في عقد واحد فهذا لا يصح، حتى على مذهب الحنابلة الذين يجيزون أن تكون الأجرة نسبة لكن هناك رواية عن الإمام أحمد تجيز ذلك، وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب، قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. انتهى.
ولتصحيح هذه المعاملة: فإما أن تكون مضاربة، وذلك بأن تدفع لك الشركة مالاً لتبيع وتشتري فيه، ولك مقابل ذلك نسبة من الربح، وإما أن تكون إجارة بأن تستأجرك الشركة وقتاً معلوماً بأجرة معلومة لا بنسبة من الربح، وذلك على مذهب الجمهور كما تقدم.
والأمر الثاني: ما قمت به من بيع وشراء لحسابك الشخصي من مالك الشخصي في وقت الشركة مستخدماً أدوات الشركة واسم الشركة، ولا شك في أن ذلك حرام، فالواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله من ذلك، وإعطاء الشركة قسطاً من الراتب بحسب الوقت مقابل الوقت الذي تم صرفه في ذلك.
وكذا ما تم استخدامه من أدوات الشركة واسم الشركة يجب أن تعطي الشركة أجرة المثل مقابل ذلك، وما قاله صديقك من أن الربح كله للشركة ولك من الربح ما تم الاتفاق عليه فقط غير صحيح، ما دام الشراء كان بمالك وكنت تنوي الشراء لنفسك، إلا أنك قد أسأت باستخدام وقت وأدوات واسم الشركة بغير إذن كما تقدم.
والله أعلم.