عنوان الفتوى : التشدد والتنطع.. معناهما.. وأمثلة عنهما
ما هو الفرق بين التشدد في الدين والتنطع؟ وما هي بعض الأمثلة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. وفي رواية: القصد القصد تبلغوا. وروى مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلك المتنطعون.. قالها ثلاثا. والتشدد هو التعمق والمبالغة في الأعمال الدينية وترك الرفق.. ولا يفعل ذلك أحد إلا عجز وانقطع فيغلب.
ونقل الحافظ في الفتح عن ابن المنير عند شرحه لحديث البخاري: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع. وصدق ابن المنير رحمه الله، فقد شاهدنا في هذا العصر بعض الشباب المتحمسين الذين كان لهم غلو وتشدد انتكسوا وانقطعوا .. وانحرف بعضهم إلى الإفراط أو التفريط.
قال الحافظ : وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنه من الأمور المحمودة، بل المقصود منع الإفراط المؤدي إلى الملال.
وأما التنطع فقال النووي: المتنطعون المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم، وقال الخطابي: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلي فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم..
وقد ذكر أهل العلم أمثلة للتشدد والتنطع، منها تكلف الشخص من العبادة ما لا يستطيع فيؤدي به ذلك إلى فوات الأفضل أو إلى السآمة فينقطع الشخص. وذلك كمن يتكلف في قيام الليل ويطيل فيه حتى يتعب من السهر، فتغلبه عيناه عن صلاة الفجر في الجماعة، أو عن أدائها في وقتها المختار أو الضروري، ومن ذلك الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة كمن يترك رخصة الفطر في حال السفر أو المرض، أو يترك التيمم فيستعمل الماء وهو يضره..... ومن التنطع كثرة الأسئلة والتفريعات، وقد كان السلف الصالح يكرهون الأسئلة عما لم يقع، فإذا سئلوا عن شيء لم يقع يقولون: دعوه حتى يقع.
قال الحافظ في الفتح: وأشد من ذلك في كثرة السؤال البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها... ويمكن أن تطلع المزيد في الفتوى رقم: 48482.