عنوان الفتوى : دفن أكثر من شخص في قبر واحد لغير ضرورة بين الكراهة والتحريم
أمي كانت لا تصلي فى السنين الأخيرة من حياتها ولكن كنت أعذرها لأنها كانت تتبول على نفسها لا إراديا وكانت كذلك تشتم أبى ودائمة الشجار معه ولكنه وللحق كان يغيظها ولكن عند وفاتها حدثت أشياء منها أنها توفيت يوم خميس مساء وكان الجو باردا وممطرا بشكل ملفت ولكن في اليوم التالي وهو يوم الجمعة يوم دفنها تحسن الجو وسطعت الشمس وصلينا عليها صلاة الجمعة وكان المسجد مزدحما جدا وجاء رجل يحمل طفلا صغيرا متوفى وطلب مني أن أضعه داخل نعش أمي ودفنه معها علما بأنه كان يوجد نعشان آخران ونعش أمى كان بجوار الحائط فلماذا اختار نعش أمى بالذات وكل الناس تقول على أمى كل الخير وهى قامت بتربيتنا على أكمل وجه ولم تأكل يوما من الحرام ألا يدعو كل ذلك لمغفرة الله سبحانه وتعالى أفيدونى أفادكم الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتارك الصلاة على خطر عظيم، وعدم القدرة على إزالة النجاسة ليس عذار في ترك الصلاة، بل على الشخص أن يتطهر بنفسه أو بإعانة غيره بقدر الإمكان ويصلي ، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22545، 35803 ، 24409 ، وبما أن هذه السيدة قد تركت الصلاة في آخر عمرها جهلا كما يبدوـ فنرجو أن يتجازو الله عنها ويعذرها بجهلها إنه جواد كريم ، وراجع الفتوى رقم: 9672. وكونها توفيت ليلة الجمعة يعتبر من علامات حسن الخاتمة لحديث: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر. رواه الترمذي وأحمد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وفي إسناده ضعف، وأما ثناء الناس عليها فإن كانوا أهل خير وصلاح فعلامة خير أيضا، فعن أنس بن مالك قال: ثم مر بجنازة فأثني عليها خيرا، فقال: نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شرا، فقال: نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، قال عمر فدى لك أبي وأمي مر بجنازة فأثنى عليها خيرا، فقلت وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شرا فقلت: وجبت وجبت وجبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض. وأما كونها توفيت عند نزول المطر فلا نعلم أن ذلك من علامات حسن الخاتمة. واعلم ـ وفقك الله ـ أن ظهور شيء من علامات حسن الخاتمة لا يلزم منه الجزم بأن ذلك الشخص من أهل الجنة، ولكن يستبثر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه أنه غير صالح فهذا كله من الغيب، ونسأل الله لنا ولك حسن الخاتمة. وأما دفن الطفل معها فمكروه عند طائفة من أهل العلم، وحرام عند آخرين، مالم تكن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، قال الكاساني رحمه الله في بدائع الصنائع: ولا يدفن الرجلان أو أكثر في قبر واحد هكذا جرت السنة من لدن آدم إلى يومنا هذا، فإن احتاجوا إلى ذلك قدموا أفضلهما وجعلوا بينهما حاجزا من الصعيد، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن قتلى أحد وكان يدفن في القبر رجلان أو ثلاثة وقال: قدموا أكثرهم قرآنا. وإن كان رجل وامرأة قدم الرجل مما يلي القبلة، والمرأة خلفه اعتبارا بحال الحياة. وقال المرداوي في الإنصاف: ولا يدفن فيه اثنان إلا لضرورة وكذا قال ابن تميم، والمجد، وغيرهما، وظاهره التحريم إذا لم يكن ضرورة وهو المذهب نص عليه وجزم به أبو المعالي وغيره وقدمه في الفروع وغيره. وقال الشمس الرملي رحمه الله في نهاية المحتاج: ولا يدفن اثنان في قبر أي لحد وشق واحد ابتداء بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع، ذكره في المجموع وقال إنه صحيح، فلو دفنهما ابتداء فيه من غير ضرورة حرم كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، وإن اتحد النوع كرجلين أو امرأتين أو اختلف، وكان بينهما محرمية ولو أما مع ولدها وإن كان صغيرا، أو بينهما زوجية، أو مملوكية كما جرى عليه المصنف في مجموعه تبعا للسرخسي، لأنه بدعة وخلاف ما درج عليه السلف، ولأنه يؤدي إلى الجمع بين البر التقي والفاجر الشقي، وفيه إضرار بالصالح بالجار السوء. فإن كان حصل ذلك منكم جهلا فلا شيء عليكم ونسأل الله أن يعفو عنكم.
والله أعلم.