عنوان الفتوى : نقض القسمة بعد التراضي
سؤالي متعلق بقسمة أرض زراعية مغروسة أشجار زيتون يمر منها طريق عام على الورثة المؤلفين من الأم وأولادها (خمسة ذكور وثلاث بنات ). حيث قام كبير الذكور يساعده آخرون من إخوته مصطحبين معهم ما أسموهم خبراء لقسمة الأرض وقامو بقسمتها على الشكل التالي :1- اقتطاع جزء من الأرض للأم / ونحن لسنا بصدده في معرض سؤالنا / 2- ثم اقتطعوا جزءا من الأرض كحصة مفروضة لإحدى البنات الثلاث.3- ثم قسموا بقية الأرض على ست حصص خمسة منها للذكور الخمسة والحصة السادسة لاثنتين من البنات تقسم أي قسمين . على أن يتم ضرب قرعة بعد ذلك بين البنات الثلاث لتحديد حصة كل منهم . ثم دعينا لاجتماع في منتصف الليل عند كبير الذكور لضرب القرعة ( دون أن يكون أحد منا سواهم قد اطلع على القسمة على أرض الواقع ). وقد كنت حاضرا عن أمي وقبل القرعة قالوا من له اعتراض فسألتهم على أي أساس تمت القسمة فقالو على أساس ( مراعاة المساحة إلى عدد الشجر ) فقلت لهم شيء جميل . وبعد القرعة أصبحت الحصة المفروضة بشكل مسبق من نصيب أمي لكني بعد فترة فوجئت بأن تلك الحصة لم يراع فيها الأساس الذي تم عليه التوزيع وهوشرط مراعاة المساحة إلى عدد الشجر حيث إن مساحتها أقل من النصف وإن الشجر فيها أصغر من بقية أشجار الأرض أضف إلى أن الشجر فيها قريب من شجر جيرانه إلى الحد الذي لايسمح بفلاحته إلا بصعوبة ويجعله قليل الثمر فوقعت بتدليس وغش علما أنني لم أكن أعرف الأرض بشكل دقيق من قبل وأخذت بصدق قولهم استنادا إلى ماكان بيننا من ثقة واحترام ...... - هل أعتبر في حل من هذه القسمة استنادا إلى شرع الله وسنة نبيه الكريم لما جرى من التدليس والغش .. - علما أن اثنين من الذكور لم يقبلا بهذه القسمة أحدهم قال بأن حصته غير عادلة فهي أصغر من بقية الحصص والآخر قال إن حصته جيدة ولكن لايريد أن يأخذ أكثر من حقه حيث إن هناك عددا من إخوته لم ينصفوا - أما الآخرون ممن أصرو على القسمة يدعون أنها صحيحة لأن أحدا لم يعترض قبل القرعة وأن القرعة شيء مقدس لا يجوز نقده مهما كانت الظروف وكان على الباقين أن يعترضو قبل القرعة .- وأؤكد هنا أن القرعة تمت على أساس مابينوه من أتهم قاموا بتوزيعها على أساس المساحة والشجر وهذا لم يتحقق بالنسبة إلى عدد من الحصص ومنها حصتنا المقتطعة بشكل مسبق . - فهل تأخذ هذه القسمة حكم بيوع الليل الموقوف على اجازة الرؤية أم بطلان العقد نتيجة الغرر الذي حدث أم كلاهما أم .....- أفتونا جزاكم الله عنا كل خير أفتونا بكثير من الإسهاب حتى يتسنى لنا الوقوف عند مقصد الشرع شاكرين تعاونكم. ملاحظة : أرجو الرد على ايميلي ahmadqed@scs-net.org كما أتمنى عليكم السرعة في الرد نظرا لحساسية الموقف . علما أن القانون في بلادنا يساوي في الميراث بين الذكر والأنثى ونحن التزمنا ونلتزم بالقسمة الشرعية التي تقول للذكر مثل حظ الأنثيين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن القسمة إذا تمت بالتراضي والقرعة أنها تمضي ولا تنقض. إلا إذا ظهر غبن فاحش أو غلط بين وقامت البينة الشرعية على ذلك فإن القسمة تنقض، فقد نص أهل العلم على أن الغلط من الأمور التي تنقض لها القسمة. قال ابن قدامة في المغني: متى أقام البينة بالغلط نقضت القسمة، لأن ما ادعاه محتمل ثبت ببينة عادلة فأشبه مالو شهد على نفسه بقبض الثمن أوالمسلم فيه ثم ادعى غلطا في كيله. هذا إذا لم يحصل رضى أصلا بهذه القسمة. أما إذا كان الورثة رضوا بها واقترعوا عليها وتم ذلك، ثم بعد ذلك ادعى بعضهم الغبن فلا يقبل قوله. كما جاء في الموسوعة الفقهية: وإن كانت القسمة قسمة اختيار: فإن تقاسموا بأنفسهم من غير قاسم لم يقبل قوله: ( مدعي الغبن) لأنه رضي بأخذ حقه ناقصا، وإن أقام بينة لم تقبل لجواز أن يكون قد رضي دون حقه ناقصا.. وكذلك إن قسم بينهم قاسم نصّبوه.. . وننبه السائل الكريم إلى أن هذا النوع من المسائل التي فيها النزاع والحقوق لا يمكن للمفتي غير المباشر أن يقطع فيها بشيء لأنه لا يملك الاطلاع على حيثياتها، والمرجع في هذه الأمور ينبغي أن يكون للمحكمة الشرعية إن وجدت فإن لم توجد فأطلعوا رجل علم ودين على هذه الفتوى واطلبو منه قض النزاع الحاصل بينكم على وفق منهج الله.