عنوان الفتوى : محبة الأثر المترتب على العمل لا تنافي الإخلاص
سؤالي في الإخلاص لله تعالى وهو هل إذا أراد الإنسان من عمله أشياء يحث عليها الإسلام من صلة رحم أو رضا الوالد أو تحسين صورة المسلمين عند غير المسلم أو إدخال السرور على قلب صديق، فهل في ذلك شرك في نية الإخلاص لله تعالى، وهل إن وجد الإنسان أن نتيجة عمله الخير هي الجحود واللامبالاة فأصابه الهم وصدم في ردود فعل الناس، فهل يكون بذلك غير مخلص في نيته ووضع ضمن من ينتظر الشكر من الناس على الخير، وماذا لو تكررت تلك المواقف وتكررت شكواه من هؤلاء الناس، فهل هو آثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الواجب على المسلم أن ينوي عند ابتداء كل عمل صالح مرضاة الله عز وجل ونيل ثوابه وهذا هو الإخلاص الذي يقوم عليه قبول العمل عند الله عز وجل، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء {البينة:5}.
وإذا أحب المسلم الأثر المترتب على هذا العمل الصالح فإن هذا لا ينافي الإخلاص، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في بعض الأعمال الصالحة بذكر آثارها الدنيوية التي تحبها الأنفس مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ في الفتح: ويستفاد منه جواز هذه المحبة خلافاً لمن كرهها. انتهى.
وقولك: (هل إن وجد الإنسان أن نتيجة..... إلخ) جوابه هو: أنه إذا أخلص المسلم العمل لله ابتداءً ثم وجد ضيقاً وهماً إذا قوبل عمله بالجحود فلا حرج عليه إن شاء الله وهذا لا ينافي الإخلاص لأن النفس مجبولة على كراهية الظلم ومن أعظم صنوف الظلم وأبشعها مقابلة الإحسان بالإساءة.
ولكن لا ينبغي لمن قوبل إحسانه بالإساءة وجميله بالنكران، لا ينبغي له أن يقطع الإحسان والمعروف لما رواه مسلم في صحيحه أن رجلاً قال: يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل -أي كأنما تطعمهم الرماد الحار- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. انتهى.
والله أعلم.