عنوان الفتوى : هل تصرف التبرعات في غير مراد المتبرع و من أحق بزكاة الفطر
شيخنا الفاضل، سؤالي الأول هو: نحن جماعة من المسلمين نعيش في بلاد الغرب ولدينا مسجد ولكن في هذه الآونة الأخيرة اشترينا مسجداً بجوار مسجدنا المذكور، وليس بينهما إلا أن نهدم الحائط الذي بين المسجد القديم والمسجد الجديد فيصبح مسجداً واحداً وسبب الشراء هو الضيق الذي نعانيه في الجمعة والأعياد ورمضان ثم لتوسعة المسجد لمكان الصلاة للرجال والنساء والشباب ومكان التعليم، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن على المسلمين المقيمن في بلاد الغرب أن يتعاونوا على أن يحيوا حياة إسلامية في تلك البيئات الغربية، وأول ما يجب أن يفعلوه هو بناء المساجد والمراكز التي تجمعهم خمس مرات في اليوم على البر والتقوى، يؤدون فيها فرائض الله جل وعلا، ويدرسون ويُدرِّسون فيها أبناءهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر لا يتم إلا بدفع كل شخص ما يستطيع من مال لبناء المسجد والمدرسة والمركز، فالإنفاق في هذا الباب من أفضل وجوه الإنفاق لما ينتج عنه من حفاظ المسلمين على دينهم وقيامهم بواجباته وأركانه، وهو لون من ألوان الجهاد في سبيل الله تعالى، وبناء المساجد فرض كفاية في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة، جاء في كشاف القناع: يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة فهو فرض كفاية. انتهى.
ومعنى فرض كفاية : أنه إذا قام واحد أو مجموعة ببناء المسجد فقد سقط الإثم عن الآخرين ، وإن تركوها جميعاً أثموا جميعاً؛ فالمقصود أن الناس إذا احتاجوا إلى مسجد أو توسعته وجب عليهم جميعاً فعل ذلك فإذا قام به من فيه كفاية أجزأ عنهم، ويسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفي، وعليه فإذا لم تتم توسعة المسجد إلا بفرض مبالغ على أهل المنطقة فهو متعين لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأن أمكن توسعته بالبعض لم يجب على الباقي وبقي الأمر على الاستحباب في حقهم.
ولا بأس أن يُفرض مبلغ من المال على أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في الفصول التابعة لهذا المسجد، ويكون ذلك أجرة مفروضة عليهم مقابل تدريس أولادهم.
وننبه إلى أن هذه الأموال إن دفعت لا على أنها لتوسعة المسجد وإنما لغرض خاص في المركز كإصلاح أماكن التعليم و نحو ذلكه فلا تصرف في غير ما دفعت له، وانظر الفتوى رقم: 9488.
أما بخصوص السؤال الثاني فإن من مصارف زكاة الفطر الفقراء والمساكين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12597.
والأصل أنها تدفع لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، وعليه فأهل منطقتكم ومسجدكم مقدمون على غيرهم في الأحوال العادية، لكن إن كان بغيرهم حاجة شديدة أو فاقة ونحو ذلك؛ فلا بأس بدفع الزكاة إليهم، ويدل على ذلك أن معاذاً رضي الله عنه كان يبعث بزكاة اليمن إلى الفقراء بالمدينة المنورة، للغرض المتقدم، كما أن الفقير يعطى منها بقدر حاجته ولو تكرر إعطاؤه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف واجبة ولا مستحبه بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة. انتهى.
ولا مانع من تشكيل لجنة مشتركة تقوم بتوزيع الزكاة ومعرفة المستحقين والمحتاجين ووضع الآليات ووسائل تعين على ذلك.
والله أعلم.