عنوان الفتوى : حكم من حمله السبب على اليمين فزال السبب
عندما يحلف الإنسان وهو ساجد في صلاته على أن لا يقوم بعمل لكونه حراما ثم يتبين له أنه ليس حراما فهل يستطيع أن يقوم به؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فبداية يجب التنبيه إلى أمر وهو أن اليمين لا ينعقد إلا بالصيغة مثل قول: والله لا أفعل كذا وكذا، ومعلوم أن الكلام لا يجوز داخل الصلاة، وهو مبطل للصلاة، ففي حديث مسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن. أما بشأن سؤالك فبالنظر والتأمل في هذا الحلف نجد أن الحامل عليه أو الداعي له هو ظن الحالف حرمة ما حلف على أن لا يقوم به، ولهذا السبب حلف أن لا يقوم بهذا الأمر، وعليه فإن هذا الحالف لا يحنث إذا زال السبب المحلوف عليه وهو التبين أن هذا الأمر ليس حراما بل هو حلال، وهذا السبب هو المسمى عند علماء المالكية ببساط اليمين، وعند الحنابلة بالمهيج لليمين، وتعريفه: أنه هو السبب الحامل على اليمين أو المهيج لليمين. وجاء في الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير عند قول خليل : ثم بساط يمينه ... : ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص وقيد بساط يمينه، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية فليس هو انتقالا عن النية بل هو نية ضمنا مثاله قول ابن القاسم فيمن وجد الزحام على المجزرة فحلف لا يشتري الليلة لحما فوجد لحما دون زحام أو انفكت الزحمة فاشتراه: لا حنث عليه.انتهى. وقال ابن عبد البر في الكافي: الأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر في بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. وقال ابن القيم في إعلام الموقعين بعد أن ذكر أقوال العلماء ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط، قال رحمه الله تعالى: والمقصود أن النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما، والسبب يقوم مقامها عند عدمها، ويدل عليها فيؤثر ما تؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به. وبساط اليمين يجري في جميع الأيمان سواء كانت بالله تعالى، أو بطلاق، أو عتاق. وبناء على ما تقدم، فإن اليمين لا يقع إذا زال سبب الحلف به الذي هو الحامل عليه أصلا.