عنوان الفتوى : تأديب العم ابن أخيه مشروع
إذا اعتدى عمُّ على ولد ليس ابنه، بل هو ولد أخيه، وعمره 13 سنة، وتضارب معه، والولد لا حول له ولا قوة إلا بالله، فهل هو على حق أم باطل؟ وهل يرضى الله عنه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العم يتعين عليه الحرص على تهذيب أخلاق ولد أخيه، والأولى أن يستعمل في ذلك النصح برفق وحكمة ومحاولة الإقناع العاطفي والعقلي، ويتأكد هذا في المراهق والبالغ.
ولا يلجأ إلى الضرب إلا عند عدم جدوى غيره من الوسائل، فإذا كان أبو الولد حياً، فإن الأولى بتأديبه هو أبوه، وأما إذا كان أبوه متوفى أو عاجزاً عن التأديب، فإن العم يتنزل منزلة الأب، كما في الحديث: العم أب إذا لم يكن دونه أب. رواه ابن المبارك في البر والصلة عن الزهري مرفوعاً، وقال محققه الدكتور محمد سعيد نجاري: مرسل رجال إسناده ثقات، وفي رواية أخرى حسنها الألباني: العم والد.
وبناء على هذا، فإنه إذا كان العم قصد تأديب ولد أخيه بالضرب بعد أن استخدم وسائل النصح بالحكمة والرفق والإقناع العقلي والعاطفي والترغيب والترهيب، فإنه لا يعتبر ظالماً ما لم يتجاوز حد التأديب، وإن كان العم ضرب ابن أخيه لغير ذلك، فإنه ليس محقًا، إذ لا يحق لمسلم أن يظلم أخاه، كما في الحديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل. رواه مسلم.
ثم إن للولد إذا كان مظلوماً أن يدافع عن نفسه، ولكن صبره على عمه أفضل وأولى، ويدل لذلك قول الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ [الشورى:40-41]، وراجع في تأديب الأولاد بالضرب الفتوى: 18842، والفتوى: 14123.
والله أعلم.