عنوان الفتوى : علاج الكذب عند الأبناء
أنا أم لفتاة عمرها 15 سنة، فعلت خطأ فظيعاً وضايقتني بالفعل، وهي تعلم أنني أحبها للغاية وأعطف عليها جداً، ولكنني في هذه المرة لم أستطع أن أسامحها وبخاصة أنها تصرّ على الكذب دائماً وتدعي أنها تقول الحقيقة، ثم تعترف بعد ذلك أنها كانت تكذب، لقد قلت لها في لحظة انفعال ذات مرة (أدعو الله أن يأخذك) إذ لم أتحمل ما فعلته وقتها ولا ما قالته لأن ذلك يؤثر على كل الأسرة، لقد ندمت على ذلك ولكن لا أدري ما أفعل، إنني أدعو الله عادة أن يحميها وأن يقيها شر كل سوء، فماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
أوجب الله على الوالدين مسؤولية تجاه أبنائهم بتنشئتهم على الإيمان والتقوى والأخلاق الفاضلة والصدق وتجنب الكذب، فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}، وأمرنا بالصبر عليهم والمجاهدة فيهم، فقال سبحانه: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طـه:132}، وينبغي أن لا يهمل جانب القدوة الحسنة، وجانب الدعاء الذي يهمله الكثير من الناس، وكذلك الأعمال الصالحة، فإنها تحفظ الأبناء.
قال ابن سيرين: أي بني، إني أطيل في الصلاة رجاء أن أحفظ فيك، وتلا قوله تعالى: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا.
واعلمي –رحمك الله- أن علاج الكذب بالقسوة أو التعنيف لا يفيد في هذا السن، فيجب معرفة دوافع الكذب والتغلب عليها، وزجر الأبناء بنصوص الشرع الواردة في ذم الكذب، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار.
وأنه من خصال المنافقين، وترغيبهم في الصدق، وأنه أساس الحسنات وجماعها، قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإنه يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة.
قال ابن القيم: الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر. انتهى.
وننصحك بالابتعاد عن الدعاء على ابنتك، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه مسلم.
وعليك بالدعاء لها بالصلاح والثبات بدل الدعاء عليها، وكان الأولى العفو عنها عند زلتها وعدم مؤاخذتها بها، قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}، وذلك مع توجيهها ونصحها كما قدمنا، وأما وقد دعوت عليها في حالة غضب، فنرجو ألا يلحقك بذلك إثم ولا يلحقها ضرر.
والله أعلم.