عنوان الفتوى : شرح حديث "فيم يختصم الملأ الأعلى؟"
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الإتيان كان في المنام كما رجحه ابن كثير وتابعه المباركفوري في شرح الترمذي، ويدل ما في إحدى الروايات من التصريح بما يفيد ذلك
قوله: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ يعني: في أي شيء يختصم أي يبحث. الملأ الأعلى هم الملائكة المقربون، وصفوا بالعلو لعلو مكانتهم عند الله أو لعلو مكانتهم، واختصامهم إما عبارة عن تبادرهم إلى إثبات تلك الأعمال والصعود بها إلى السماء، وإما عبارة عن حوارهم في فضلها وشرفها، وإما عن اغتباطهم الناس بتلك الفضائل لاختصاصهم بها وتفضيلهم على الملائكة بسببها.
قوله: فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماوات وما في الأرض، يعني: أنه وضع الله يده بين كتفي الرسول حتى أحس بردها في صدره بين ثدييه، فحصل عنده بسبب ذلك علم ما في السماوات والأرض، ومن ذلك علم ما كان يجهله من جواب السؤال، فلما أعاد الله السؤال ثانية أجاب بأنهم يختصمون في الكفارات والدرجات، ثم وضح الكفارات بأنها المكث أي اللبث في المساجد، وإسباغ الوضوء أي إكماله في المكاره، أي في شدة البرد. ومن فعل ذلك عاش بخير ومات، أي حيي حياة طيبة سعيدة ومات عليها.
قوله: وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، يعني: أنه يصير مبرأ من الخطايا والذنوب كما كان مبرأ يوم مولده، وذلك لأن الأعمال تكفر عنه السيئات.
قوله: إذا صليت، يعني إذا فرغت من الصلاة، والخيرات هي ما عرف من الشرع من الأقوال الحميدة والأفعال السعيدة، والمنكرات هي ما أنكره الشرع من الأفعال السيئة والأقوال القبيحة.
قوله: إذا أردت بعبادك فتنة، أي عقوبة دنيوية أو ضلالة. فاقبضني، أي توفني، غير مفتون، أي غير معاقب، ثم وضح الدرجات بأنها: إفشاء السلام، أي بذله على جميع من لقيه سواء عرفه أو لم يعرفه، وإطعام الناس الطعام إحسانا إليهم، وإعانة لهم، والصلاة بالليل، يعني صلاة القيام في حال نوم الناس.
واعلم أن الحديث صحيح، كما قال الشيخ الألباني، وقد ذكر الترمذي في كلامه على إحدى رواياته أنه سأل الإمام البخاري عنه فقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه الإمام أحمد ووثق الهيثمي في المجمع رجال أحمد.
وراجع لمعرفة المزيد من فضائل الأعمال المذكورة الفتاوى التالية أرقامها: 2115، 21500، 27584، 46168، 42715، 18888.
والله أعلم.