عنوان الفتوى : حكم شراء المناقصة
عندما تنزل مناقصة في الجرائد تسعى الشركات لشرائها وتعمل إحدى الشركات الكبرى على دفع مبالغ معينة للشركات التي تسعى لشراء المناقصة بشرط التنازل عن تلك المناقصة وهذه الشركة هي التي تحدد المبالغ التي يضعونها للمناقصة وهو يضع أقل الأسعار بالإضافة إلى المبالغ التي دفعها للشركات وربحه فهل يعتبر ذلك رشوة وهل يدخل في الحرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمثل هذه المعاملة تعود إلى قواعد الشريعة العامة القاضية بأنه لا ضرر ولا ضرار، ولا شك أن الضرر في مثل هذه الصور شديد الاحتمال بل الغالب تحققه، لأن سؤال البعض الانكفاف عن المناقصة مقابل جزء من المناقصة، فيه إضرار بأصحاب المشروع، لأن مريد الانفراد بهذا المشروع قد يكون أقل كفاءة ممن طلب منهم الانسحاب، كما أن المبالغ التي دفعها للمتقدمين نظير خروجهم وإضافتها زيادة على تكلفة المشروع الأصلية إضرار آخر بأصحاب المشروع وأكل لأموالهم بالباطل، وقد قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}، علماً بأن السادة المالكية قد أجازوا ذلك في المزايدة لكن ليس على الإطلاق، ولكن بشرطين. الأول: ألا يفعل ذلك مع جميع المتقدمين بل مع بعضهم فقط، والمقصود بالبعض أن يكون قليلاً، فإن فعله مع الأكثر فحكمه حكم الجميع. الثاني: ألا يفعل ذلك مع واحد يُقتدى به في الزيادة، كسيد السوق ورئيسه. قال خليل في مختصره: وجاز سؤال البعض ليكف عن الزيادة لا الجميع. ا.هـ، والمسألة وإن كانت في المزايدة إلا أنه يُقاس عليها المناقصة لاشتراكهما في المعنى، وقد اشترط المالكية ألا يفعل ذلك مع الجميع لئلا ينفرد بالمزايدة فيضر ذلك البائع، وكذا الأمر في المناقصة، فإن انفراد الواحد بها يجعل المناقص يزيد في السعر لأنه لا منافس له.
والذي نراه أنه لا مانع من العمل بمذهب المالكية بالضوابط المذكورة لأنه عوض على ترك هذا، مع أن الأورع والأحوط هو البعد عن كل ذلك.
والله أعلم.