عنوان الفتوى : كشف المؤامرة على سرقة جسد النبي صلى الله عليه وسلم
هل حاول أحد سرقة جسد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نقل صاحب كتاب تاريخ معالم المدينة عن غير واحد من المؤرخين أنه قد جرت عدة محاولات من النصارى الأوربيين والزنادقة العبيديين لنقل جسد النبي صلى الله عليه وسلم الطاهر إلى بلادهم، وقد حمى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من هذه المحاولات الإجرامية وأهلك الطغاة والمجرمين.
وقد نقل هذه الأخبار أيضاً الشيخ أحمد البشير في كتابه (مفيد العباد) عن السمهودي، وابن الأثير، وابن خلكان..
وكانت محاولة النصارى سنة سبع وخمسين وخمس مائة، فكشف الله تعالى أمرهم برؤيا رآها الملك الصالح الشهيد نور الدين محمود زنكي بمصر، وكان لهذا الملك ورد من الليل يقوم ويصلي وينام، فنام ليلة بعد تهجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول له: أنقذني من هذين، فاستيقظ فزعا فتوضأ وصلى ركعتين ونام فرأى الرؤيا نفسها أيضاً، فقام وتوضأ وصلى ركعتين ونام، فرأى نفس الرؤيا، وفي المرة الثالثة قال: لم يبق نوم، فقام في الحال إلى وزيره جمال الدين الموصلي وأخبره بما رأى، فقال له: حدث شيء بالمدينة أرى أن تكتم ما رأيت ونخرج الآن إلى المدينة فخرج بعشرين من القادة صحبة الوزير ومعه أموال كثيرة...
وقبل دخول المدينة اغتسل.. ودخل المسجد وصلى في الروضة وزار... ثم جلس في المسجد لا يدري ماذا يصنع، وقد اجتمع إليه الناس، فقال الوزير: إن السلطان قد حضر للزيارة وأحضر معه أموالاً لتوزيعها على سكان المدينة النبوية فاكتبوا من عندكم وأحضروا أهل المدينة كلهم، فحضر الناس وجعل يوزع الأموال ويعطي الهدايا... وكل من حضر ليأخذ يتأمله السلطان ليجد فيه الصفة التي أراها له النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقد انطبعت في ذهنه فلا يجد تلك الصورة إلى أن انقضت الناس، فقال السلطان: هل بقي من أحد؟ قالوا: لا، فقال: تفكروا وتأملوا... فقالوا: لم يبق إلا رجلان مغربيان لا يتناولان من أحد شيئاً وهما صالحان غنيان يكثران من الصدقة وأعمال الخير... فانشرح صدر السلطان، وقال: علي بهما... فرآهما، فإذا هما الرجلان اللذان أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أنقذني من هذين. فقال لهما: من أين جئتما؟ قالا: من بلاد المغرب، جئنا حاجين فاخترنا المجاورة والسكن بالمدينة النبوية، فقال: اصدقاني. فصمما على ذلك، فقال: أين منزلهما؟ فأخبر بأنهما بمنزل قرب الحجرة الشريفة فأمسكهما وخرج إلى منزلهما فوجد مالا كثيراً ومصحفين وكتبا في الرقائق... ولم ير شيئاً، فأثنى عليهما أهل المدينة بالخير وبأدائهما للصلاة... وزيارة البقيع كل يوم، وقُباء كل سبت، وبقي السلطان حائراً يطوف بالبيت بنفسه فرفع حصيراً في البيت فرأى تحته سرداباً محفوراً إلى جهة الحجرة الشريفة فارتاع الناس لذلك... فقال لهما السلطان: اصدقاني حالكما. فأصرا على حجتهما فضربا... فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى في زي مغاربة للاحتيال على تنفيذ جريمتهما التي سول لهما الشيطان أن بالإمكان تنفيذها، فلما اعترفا وظهر حالهما سجد السلطان شكراً لله تعالى، وأمر بضرب أعناقهما، ثم أمر بحفر خندق عظيم من كل الجهات على الحجرة الشريفة حتى بلغ الماء فجعل فيه الرصاص المذاب ليكون حائطاً وسوراً داخلياً على الحجرة.
وأما تفاصيل المحاولات الأخرى فلا يتسع المقام لذكرها، ويمكنك الرجوع إليها في المصادر التي ذكرنا.
والله أعلم.