عنوان الفتوى : هل تصح صلاةمن يتأخر عن الإمام حتى يركع دون عذر؟
ما حكم صلاة من يقف خلف الامام يلعب بالهاتف حتى اذا ركع الإمام كبر وركع خلف هل تصح صلاته لأنه لم يتأخر عن الصلاة لسبب ولم يقرأ الفاتحة وجزاكم الله خيرا
الحمد لله.
أولاً:
اختلف العلماء في مسألة هل تدرك الركعة بالركوع:
فذهب جمهور العلماء إلى أن من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية: (23/ 133).
"اتّفق الفقهاء على أنّ من أدرك الإمام في الرّكوع فقد أدرك الرّكعة، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (من أدرك الرّكوع فقد أدرك الرّكعة) ولأنّه لم يفته من الأركان إلاّ القيام، وهو يأتي به مع تكبيرة الإحرام، ثمّ يدرك مع الإمام بقيّة الرّكعة، وهذا إذا أدرك في طمأنينةٍ الرّكوع أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الرّكوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء" انتهى.
وحكاية الاتفاق يراد بها المذاهب الأربعة، وإلا فقد خالف الظاهرية، وحكى المحققون الخلاف على أنه خلاف معتبر. وهو رأي الإمام البخاري كما نص عليه في كتابه "جزء القراءة خلف الإمام".
قال ابن حزم رحمه الله: "فإن جاء والإمام راكع فليركع معه، ولا يعتد بتلك الركعة؛ لأنه لم يدرك القيام، ولا القراءة؛ ولكن يقضيها إذا سلم الإمام" انتهى من المحلى بالآثار (2/ 274).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا أدرك الركوع أدرك الركعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة الثقفي وهو راكع ركع معه دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصًا ولا تعد) ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على أنه معذور وهذا يخصص قوله صلى الله عليه وسلم : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) هذا في حق الإمام والمنفرد، والمأموم القادر [يعني القادر على قراءة الفاتحة] على الصحيح، أما المأموم العاجز الذي جاء وقد فاته قيامه والإمام راكع فإن الصحيح أنه يجزئه الركوع وتتم ركعته وهذا قول الأئمة الأربعة ... أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وجمهور أهل العلم.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا تجزئ وأن عليه القضاء ، ولكن الصواب أنها تجزئه، هذا هو الأرجح وبهذا يكون معذورًا لأنه ما أدرك القيام، وهكذا لو نسي ولم يقرأها أو تركها تقليدًا لبعض العلماء القائلين بأنها لا تجب على المأموم فإن صلاته صحيحة. " .
ثانياً:
إذا تأخر المأموم عن الدخول مع الإمام – من غير عذر له في ذلك، كما هي صورة السؤال، ونحو ذلك - حتى يركع: فصلاته على خطر؛ لأنه أخل بركنين من أركان الصلاة من غير عذر، وهما: القيام، وقراءة فاتحة الكتاب.
والمذهب عند الشافعية: أن ركعته صحيحة، ما دام قد أدرك الركوع مع الإمام.
وذهب بعض فقهائهم إلى أنها لا تصح.
قال الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله: "وإن أدرك المأموم الإمام راكعا أدرك الركعة، لخبر من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن يقيم الإمام صلبه، فقد أدركها ...
وسواء أقصر المأموم في تحرُّمه – أي: تكبيره للإحرام - حتى ركع الإمام، ثم أحرم، أم لا. كما صرح به الإمام وغيره، وهو كذلك.
وحكى ابنُ الرفعة عن بعض شروح المهذب: أنه إذا قصر في التكبير حتى ركع الإمام، لا يكون مدركا للركعة" انتهى من "مغني المحتاج" (1/ 513).
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
"وإن أدرك المأموم الإمام راكعا: أدرك الركعة، أي ما فاته من قيامها، وقراءتها؛ وإن قصّر بتأخير تحرُّمه لا لعذر، حتى ركع؛ للخبر الصحيح بذلك..."
انتهى من تحفة المحتاج في شرح المنهاج (2/ 363).
وتوقف الشيخ ابن عثيمين في صحة ركعة من كانت هذه حاله. قال رحمه الله:
"تأخير الإنسان الدخول مع الإمام حتى يكبر للركوع: فهذا تصرف ليس بسليم، بل إنني أتوقف، هل تصح ركعته هذه أو لا تصح؟ لأنه تعمد التأخير الذي لا يتمكن معه من قراءة الفاتحة، وقراءة الفاتحة ركن، فلا تسقط عن الإمام ولا المأموم ولا المنفرد.
فكونه يبقى حتى يركع الإمام، ثم يقوم فيركع معه: هذا خطأ بلا شك، وخطر على صلاته، أو على الأقل على ركعته ألا يكون أدركها" انتهى من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (13/ 9).
ومما سبق يتضح خطورة تعمد التأخر بدون عذر عن الإمام حتى يركع، وينبغي للمسلم ألا يجعل صلاته مترددة بين الصحة والبطلان. وخاصة في صلاة الفريضة.
ولو قلنا بصحة الركعة فقد فاته خير عظيم من إدراك الفضل والأجر فيما تركه من صلاته.
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |