عنوان الفتوى : ما حكم بيع سلعتين مختلفتين بثمن واحد؟
ما حكم بيع شيئين مختلفين في الجنس في وزنة واحدة؛ كبيع التمر مع البطاطيس في وزنة واحدة 1 كجم، علما أن ثمنهما واحد؛ أي التمر 3 ريال والبطاطيس أيضا 3 ريال ؟ ماحكم هذا البيع؟
الحمد لله.
لا حرج في بيع شيئين معا كالتمر والبطاطس، بثمن واحد، ك 6 ريالات، ما دام المبيع معلوما بالوصف أو بالرؤية، كغيره من المبيعات، كأن يبيع عددا من ثمرات البطاطس، وكمية من التمر، مرئية، حتى لو جهل وزن هذا وهذا.
ومحل الجواز إذا كان الثمن نقودا، كما في المثال.
والمحذور لو كان سيباع هذا الخليط بتمر، فإنه لا يجوز عند الجمهور، لأن التمر من الأصناف الربوية، فإذا بيع بتمر، وجب أن يكون مثلا بمثل، يدا بيد؛ لما روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ .
ولا يصح أن يباع ربوي بجنسه ومعه أو معهما من غير الجنس.
قال في "زاد المستقنع" ص 108: "ولا يباع ربوي بجنسه، ومعه، أو معهما: من غير جنسهما" انتهى.
وهذا مذهب الجمهور. فلا يجوز أن يباع تمر وبطاطس، بتمر، ولو كان التمر المفرد أكثر من الأول، كأن يَبيع صاعا من تمر وبطاطس، بصاعين من تمر؛ لعدم التساوي.
وذهب الحنفية وأحمد في رواية، وحماد بن أبي سليمان، والشعبي والنخعي وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز ذلك، إذا كان الربوي المفرد أكثر من الذي معه غيره، أو كان مع كل واحد منهما من غير جنسه؛ لأن العقد إذا أمكن حمله على الصحة لم يُحمل على الفساد، فيجعل الربوي في مقابلة قدره من الربوي الآخر، ويجعل الزائد في مقابلة ما زاد عن القدر المماثل.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (22/ 76)، "المعاملات المالية" للدبيان (11/ 347).
فعلى هذا القول، لو باع صاعا من تمر وبطاطس، بصاعين من تمر، وكان الصاع الزائد يقابل البطاطس، جاز.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "قوله: ولا يباع ربوي بجنسه ومعه أو معهما من غير جنسهما هذه المسألة يعبر عنها الفقهاء بمد عجوة ودرهم.
مثال ذلك: باع تمراً بتمر، ومع كل واحد منهما دراهم، يعني باع صاعاً من تمر ودرهماً، بصاع من تمر ودرهم، فلا يجوز. هذا معنى قوله: أو معهما من غير جنسهما، فهنا مع المبيعين من غير جنسهما.
وقال بعض أهل العلم: إذا كان معهما من غير الجنس جاز ولا حرج؛ لأننا نجعل الجنس مقابلاً لغير جنسه، ونسلم من الربا.
مثل ما لو بعت عليك مداً ودرهماً، بمد ودرهم، هذا ليس فيه محظور؛ لأنك إن جعلت المد مقابل المد فقد تساويا، وإن جعلت المد مقابل الدرهم، فليس بينهما ربا ...
مثال ثانٍ: باع صاعين من التمر، بصاعٍ ودرهم من التمر، فلا يجوز؛ لعدم التماثل بين التمر.
مثال ثالث: باع درهمين بدرهم وتمر، فلا يجوز؛ لأن مع أحدهما من غير جنسه ...
قال العلماء رحمهم الله: هذا، سداً للذريعة؛ لأن باب الربا أمره عظيم، فيجب أن يسد كل طريق يمكن أن يوصل إليه.
ولكن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ نازع في هذا، وقال: إذا كان المفرد أكثر من الذي معه غيره، وكانت هذه الزيادة تقابل الشيء الآخر، فإن ذلك جائز، ولا بأس به، والحاجة قد تدعو إليه. مثاله: باع صاعين من التمر بصاع ودرهم، والصاع الزائد في الطرف الذي ليس فيه إلا التمر يساوي درهماً، قال: هذا لا بأس به؛ لأننا نجعل الصاع الزائد في مقابل الدرهم، والصاع الثاني الذي مع الدرهم، في مقابلة الصاع الآخر، وليس في هذا حيلة إطلاقاً، والحاجة قد تدعو إلى ذلك، فقد يكون هذا الإنسان عنده تمر من السكري صاعان، وهذا عنده تمر من نوع آخر، لكن ليس عنده صاعان، عنده صاع واحد وعنده دراهم، فقال: أنا أعطيك هذا الصاع ودرهماً، والصاع يساوي الصاع الآخر لا يزيد ولا ينقص.
وما ذهب إليه شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أصح، فإذا تيقنا أنه لا ربا، وأن القيمة واحدة، فإنه لا بأس به ولا حرج، والشارع الحكيم لا يحرم شيئاً يتبين أنه لا ربا فيه إطلاقاً، مع أن الحاجة قد تدعو إليه." انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 425).
وأما إذا بيع التمر والبطاطس، بنقود، فلا حرج في ذلك؛ لانتفاء علة الربا، ويشترط العلم بالمبيع بالرؤية أو بالوصف، كما في سائر البيوع.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |