عنوان الفتوى : زكاة الخليطين في الغنم

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أمي لديها من الغنم السائمة ٥٠ مشتركة مع أخي، وقد مر عليها سنتان من شهر رجب الماضي، لم تزكها؛ لجهلها بوقت وجوب الزكاة، علماً بأن السنة الماضية كانت تبلع حوالي ٥٠، وتنقص، وتزيد، وهذه السنة بلغت ٥٠، تملك أمي منها ٥ من المعز، و ٣ من صغارها، و ١٤ من الضأن مع ٥ من صغارها، وأخي يملك من المعز ٨، و٤ مع صغارها، و٧ من الضأن، و٤ من صغارها، أرادت هذه السنة أن تظهر زكاتها، لكن اخي رفض دفع الزكاة؛ بحجة أنها لم تصل لعدد النصاب، فهل يجوز لأمي أن تخرج زكاة أغنامها عن نفسها فقط؟ وهل يجوز أن تخرج أموالا بدل الغنم؛ لأن صغارها لم تبلغ السنة بعد، وليس فيها ما ينفع للزكاة في هذا الوقت؟ وكم تخرج إذا أرادت أن تعطي أموالا بقيمتها بدل الغنم، حيث إنها أنفع، لأن لدينا جيران فقراء، ويحتاجون أموالا للعلاج أكثر من الشاة بعينها؟ وهل يجوز لها أن تقسم المبلغ بينهم؟ وهل يجب عليها أن تزكي عن ابنها من مالها إذا رفض هو دفع زكاته؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

الحمد لله.

أولاً:

إذا بلغ عدد الغنم السائمة أربعين وجبت فيها الزكاة، في الأربعين شاة واحدة، حتى يصل عددها إلى 120 وبعدها يزيد القدر المخرج على ما سيأتي بيانه.

فعن أنس رضي الله عنه: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ:

"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ ......، وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا"رواه البخاري (1386).

واشترط جمهور الفقهاء لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون سائمة، وهي التي ترعى الكلأ المباح أكثر السنة، وأما التي تُعْلَف فلا تجب فيها الزكاة إلا أن تكون للتجارة " انظر: "المغني" (4/38).

وهذا بيان نصاب الغنم وما يخرج منه

عدد الغنم

الزَّكاة الواجبة

من 1 إلى 39

لا شيء فيها

من 40 إلى 120

فيها شاة

من 121 إلى 200

فيها شاتان

من 201 إلى 399

فيها ثلاث شياه

من 400 إلى 499

فيها أربع شياه

من 500 إلى 599

فيها خمس شياه

وهكذا في كلِّ مئة شاةٌ

ثانياً:

إذا اجتمعت غنم أكثر من شخص وبلغت نصاباً حال كونها مجتمعة، سواء كان نصيب كل واحد يبلغ نصاباً أو لا، فتجب فيها الزكاة، مادام أن الغنم تشترك في:

1 ـ الفحل: أي: يكون لهذه الغنم فحل واحد مشترك.

2 ـ المسرح: أي: يسرحن جميعا ويرجعن جميعا.

3 ـ المرعى: أي: يكون المرعى لها جميعا.

4 ـ المحلب: أي: مكان الحلب يكون واحدا.

5 ـ المراح ـ وهو: مكان المبيت، أي: يكون المراح جميعا. (انظر: " الشرح الممتع على زاد المستقنع" (6/64).

قال الماوردي رحمه الله: "قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا يكونان خليطين حتى يريحا ويسرحا ويحلبا معا ويسقيا معا ويكون فحولتهما مختلطة فإذا كانا هكذا صدقا صدقة الواحد بكل حال" انتهى من "الحاوي الكبير" (3/ 140).

وقال ابن قدامة رحمه الله: "وإن اختلط جماعة في خمس من الإبل، أو ثلاثين من البقر، أو أربعين من الغنم، وكان مرعاهم ومسرحهم ومبيتهم ومحلبهم وفحلهم واحدا، أخذت منهم الصدقة" انتهى من "المغني" (4/ 51).

فإذا كانت غنم أمك وأخيك تجتمع في الأمور المذكورة: فتجب فيها الزكاة، لأنها بلغت نصاباً حال كونها مجتمعة، لما ورد في حديث أنس رضي الله عنه أنّ أبا بكر رضي الله عنه: كتب إلى الأمصار بيان الزكاة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: (‌ولا ‌يجمع ‌بين ‌متفرق، ‌ولا ‌يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة) رواه البخاري (1382).

قال ابن قدامة رحمه الله: "الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة... وهذا قول عطاء، والأوزاعي، والشافعي، والليث، وإسحاق" انتهى من "المغني" (4/ 51).

ثالثاً:

طريقة إخراج الزكاة من الغنم المختلطة،  فإنها تخرج ثني من المعز وهو ما أتم سنة، أو ثني من الضأن الجذع وهو ما تم ستة أشهر.

قال ابن قدامة رحمه الله: "‌لا ‌يجزئ ‌في ‌صدقة ‌الغنم ‌إلا ‌الجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، والثني من المعز، وهو ما له سنة...، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما حقنا في الجذعة والثنية).

ولنا، على جواز إخراج الجذعة من الضأن، مع هذا الخبر: قول سعر ابن ديسم: أتاني رجلان على بعير، فقالا: إنا رسولا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليك، لتؤدي صدقة غنمك.

قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا: عناق، جذعة أو ثنية. أخرجه أبو داود.

وما روى سويد بن غفلة، قال: أتانا مصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن، والثنية من المعز" انتهى من "المغني" (4/49).

والشريكان في النصاب يخرجان واحدة من مال أي منهما، ويرجع على شريكه بقدر شراكته.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله:

وإذا كانا شريكين في أربعين شاة مختلطة، هذا عشرين، وهذا عشرين؛ عليهما شاة واحدة أنصافًا، كل واحد عليه نصف، يخرجها واحد منهما، ويعطيه الآخر نصف القيمة، وهكذا لو وصلت الستين بينهما، أو سبعين، أو ثمانين إلى مائة وعشرين بينهم؛ ففيها شاة واحدة عليهما" انتهى .

رابعاً:

على أمك أن تخرج جذعة من الضأن أو ثنية من المعز، وترجع على أخيك بقدر قيمة نصيبه منها، والذي يعادل 46% من الغنم.

فإذا رفض أخوك إخراج الزكاة محتجا بعدم بلوغها نصابا، فأولا يبين له الحكم الشرعي، وأن الزكاة قد وجبت في الغنم المختلطة بينه وبين أمك، وأنها تجب بقدر نصيب كل أحد من هذه الخلطة. ويبين له خطورة عدم إخراج الزكاة، وسبق بيان ذلك في الموقع: (93701 )

فإن كان لا يستجيب بدفع نصيبه، فينظر في قيمة الثني من الضأن أو الجذع من المعز يوم إخراج الزكاة، وتخرج منها أمك القيمة بقدر نصيبها من هذه الشراكة والتي هي حسب السؤال تعادل 54%.

خامساً:

يجوز إخراج القيمة في زكاة الغنم عند الحاجة على القول الراجح، ومنها الحالة التي ذكرت في السؤال، وقد سبق بيان ذلك في إجابة سابقة في الموقع فليرجع إليها: (293312).

سادساً:

بالنسبة للسنوات السابقة فلا تسقط الزكاة ، لأنها حق للفقراء . وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الموقع فليرجع إليه: (337528 ).

أما السنة الماضية فتجب زكاتها لأن الغنم كانت فيها نصابا (بلغت خمسين)، والتي قبلها تنظر فإن كان الغنم المختلطة قد بلغت أربعين فأكثر، فكذلك تخرج زكاتها. ويكون الإخراج على ما تم بيانه في الفقرة (ثالثاً).

وإذا نقصت الغنم أثناء الحول عن أربعين، فإنه لا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين ، ويبدأ في حساب الحول من حين بلوغها أربعين.

والله أعلم.