عنوان الفتوى : حكم الكلب من حيث النجاسة وعدمها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لماذا لعاب الكلب نجس ؟ وماذا عن شعره ؟ أرجو تزويدي بالإجابة من خلال الأدلة ، ورأي المذاهب الأربعة كل على حدة . وجزاكم الله خيرا

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ذهب الجمهور إلى نجاسة الكلب بجميع أجزائه وذهب الحنفية في الأصح عندهم إلى نجاسة سؤره وطهارة بدنه، وذهب المالكية إلى طهارة سؤره وبدنه، والراجح هو مذهب الجمهور، قال الإمام النووي في المجموع: مذهبنا أن الكلاب كلها نجسة، المَُعَلَّم وغيره، الصغير والكبير، وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد ، وقال الزهري ومالك وداود: هو طاهر، وإنما يجب غسل الإناء من ولوغه تعبداً. وحكي هذا عن الحسن البصري وعروة بن الزبير واحتج لهم بقول الله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ(المائدة: من الآية4)، ولم يذكر غسل موضع إمساكها، وبحديث ابن عمر رضي الله عنهما ما قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك. ذكره البخاري في صحيحه فقال: وقال أحمد بن شبيب حدثنا أبي إلى آخر الإسناد والمتن، وأحمد هذا شيخه، ومثل هذه العبارة محمول على الاتصال وأن البخاري رواه عنه كما هو معروف عند أهل هذا الفن، وذلك واضح في علوم الحديث. وروى البيهقي وغيره هذا الحديث متصلاً، وقال فيه: وكانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك. واحتج أصحابنا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات. رواه مسلم . وعن أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب. رواه مسلم ، وفي رواية له: طهر إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسل سبع مرات. والدلالة من الحديث الأول ظاهرة، لأنه لو لم يكن نجساً لما أمر بإراقته لأنه يكون حينئذ إتلاف مال، وقد نهينا عن إضاعة المال، والدلالة من الحديث الثاني ظاهرة أيضاً فإن الطهارة تكون من حدث أو نجس، وقد تعذر الحمل هنا على طهارة الحدث فتعينت طهارة النجس، وأجاب أصحابنا عن احتجاجهم بالآية بأن لنا خلافاً معروفاً في أنه هل يجب غسل ما أصابه الكلب أم لا، فإن لم نوجبه فهو معفو للحاجة والمشقة في غسله بخلاف الإناء، وأما الجواب عن حديث ابن عمر فقال البيهقي مجيباً عنه أجمع المسلمون على نجاسة بول الكلب ووجوب الرش على بول الصبي، فالكلب أولى قال: فكان حديث ابن عمر قبل الأمر بالغسل من ولوغ الكلب أو أن بولها خفي مكانه فمن تيقنه لزمه غسله والله أعلم.ا.هـ وقال الإمام ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام في شرح حديث الولوغ: فيه مسائل: الأولى: الأمر بالغسل ظاهر في تنجيس الإناء، وأقوى من هذا الحديث في الدلالة على ذلك: الرواية الصحيحة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب: أن يغسل سبعاً. فإن لفظة "طهور" تستعمل إما عن الحدث أو عن الخبث، ولا حدث على الإناء بالضرورة، فتعين الخبث، وحمل مالك هذا الأمر على التعبد، لاعتقاده طهارة الماء والإناء، وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد المخصوص، وهو السبع، لأنه لو كان للنجاسة: لا كتفى بما دون السبع، فإنه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة وقد اكتفي فيها بما دون السبع، والحمل على التنجيس أولى، لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبداً أو معقول المعنى، كان حمله على كونه معقول المعنى أولى، لندرة التعبد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى، وأما كونه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة فممنوع عند القائل بنجاسته، نعم ليس بأقذر من العذرة، ولكن لا يتوقف التغليظ على زيادة الاستقذار، وأيضاً فإذا كان أصل المعنى معقولاً قلنا به، وإذا وقع في التفاصيل ما لم يعقل معناه في التفصيل، لم ينقص لأجله التأصيل، ولذلك نظائر في الشريعة، فلو لم تظهر زيادة التغليظ في النجاسة لكنا نقتصر في التعبد على العدد، ونمشي في أصل المعنى على معقولية المعنى. انتهى. والراجح نجاسة الكلب، ونجاسة جميع أجزائه، وإنما يجب غسل ما أصاب من ثوب أو بدون أو غيره بسؤره أو بدنه المبلول. وقد أثبت العلم الحديث أن في لعاب الكلب جراثيم لا تزول إلا بالغسل سبعاً إحداهن بالتراب، واستخدموا بقية المزيلات فلم تغن عن التراب. والله أعلم.