عنوان الفتوى : مدة القصر ومسافته
هذه رسالة من غزاي محمد الشلوي من الرياض يقول: متى يقصر المسلم صلاته؟ وما المدة التي يجوز فيها القصر؟ play max volume
الجواب: إذا سافر المؤمن سفر قصر، يعني: سفراً يعتبر سفر قصر؛ شرع له القصر؛ لأن الله جل وعلا قال: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النساء:101]، كان النبي ﷺ إذا سافر قصر، يعني صلى ثنتين الظهر والعصر والعشاء، هذه محل القصر، أما الفجر فلا قصر فيها، والمغرب لا قصر فيها، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء في الرباعية، فإذا سافر ما يعد سفراً من سبعين كيلو.. ثمانين كيلو.. أكثر ذلك، وهما في العهد الأول مرحلتان للإبل، يعني: يومين قاصدين، فلما ذهبت الإبل صارت السيارات الآن سبعين كيلو.. ثمانين كيلو أو ما يقاربها مرحلة تعد سفراً، هذا هو الأحوط للمؤمن، إذا كان في هذه المسافة قصر، وإذا كان في أقل منها كالخمسين والأربعين فالأحوط ألا يقصر؛ لأنها تشبه الضواحي للبلد، وتقرب من البلد بالنسبة إلى سرعة السيارات، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن السفر كل ما يعد سفراً، فإذا احتاج إلى زاد ومزاد، هذا يعد سفر وإن لم يبلغ سبعين كيلو ولم يبلغ يوم وليلة، إذا كان يحتاج إلى زاد وإلى مزاد -إلى ماء يعني- ما يعد سفراً، ما يعد سفراً هو الذي يقصر فيه، وهو الذي يحتاج إلى الزاد يعني الطعام، والمزاد يعني: الماء- كخمسين كيلو وأربعين كيلو ونحو ذلك، في المطية والمشي على الأقدام.
أما السيارة فإن حالها غير حال الأقدام، وغير حال المطية كما هو معلوم بسبب السرعة، فلهذا، إذا احتيط في هذا وصار السفر ما يعد سبعين كيلو تقريباً أو ثمانين كيلو يكون هذا أقرب وأحوط، وهو موافق لما قرره العلماء سابقاً من اليومين القاصدين، فإذا ذهب إلى نحو هذه المسافة قصر، صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين، وإن كانت أقل من ذلك فإنها تشبه ضواحي البلاد، فالأحوط له أن يتم أربعاً. نعم.
المقدم: أيضاً يقول: ما المدة التي يجوز فيها القصر؟ وأعتقد أنه يقصد المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره؟
الشيخ: نعم. المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره، تنقسم قسمين:
قسم مدة يحددها، ومدة لا يحددها، فأما المدة التي لا يحددها بأن يكون له حاجة في البلد، لا يدري متى تنقضي مثل طلبه لإنسان، يلتمس إنسان لعله يجده، مثل حق له على إنسان يطلبه منه، مثل خصومة يريد إنجازها وما أشبه ذلك، ليس لها مدة معلومة، بل مهمته أن ينهي هذه الحاجة، ولو في يوم واحد أو يومين، هذا يقصر مدة إقامته؛ لأنه ليس له أمد محدود، فهذا لا يزال يقصر حتى ينتهي، أما الحال الثاني فهي حالة الإنسان الذي قد عزم على أيام معلومة قد حددها، كونه يقيم عشرة أيام، عشرين يوم، أربعة أيام خمسة أيام، فهذه اختلف فيها أهل العلم:
منهم من قال: تحدد بثلاثة أيام، ومنهم من حددها بأربعة أيام، ومنهم من حددها بخمسة عشر يوماً، وقيل: بعشرين يوماً، والأحوط في هذا أربعة أيام، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم، والحجة في هذا إقامة النبي ﷺ في حجة الوداع، فإنه أقام أربعة أيام؛ لأنه صبح مكة اليوم الرابع صباحاً، وأقام اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم توجه إلى منى وعرفات في اليوم الثامن، قال العلماء: هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها، فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي ﷺ، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم؛ لأن الأصل هو الإتمام، الأصل أن الواجب إتمام الصلاة، شرع القصر في السفر، فهذه إقامة ليست سفراً، إقامة فيتم فيها، بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر، كما فعله النبي ﷺ في حجة الوداع، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب. نعم.