عنوان الفتوى : زوج يدعي الالتزام ومدمن على القنوات الإباحية
زوجي حافظ للقرآن ومحافظ على الصلاة ، ومعروف بين الناس بالالتزام ، ولكنه مغرم بالقنوات الإباحية ، وقد حدثت بيننا مشاجرات وساءت العلاقة بيننا بسبب ذلك . حاولت أن أفهمه أنه يخطئ ولكن بلا فائدة . أريد حلاً لهذه المشكلة .
الحمد لله.
لا شك أن زوجك – على حسب كلامك – واقع في فتنة عظيمة ، ويُخشى عليه إن استمر على هذه الحال أن يترك الصلاة والخير الذي هو عليه ؛ ذلك أن فتنة النظر المحرَّم تعقبها آثار سيئة على دين وخلق العاصي .
قال ابن القيم :
والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع ، ولهذا قيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .
" الجواب الكافي " ( ص 106 ) .
وقد سبق في إجابة السؤال رقم ( 22917 ) : فوائد غض البصر ، ومنها : أن غض البصر امتثال لأمر الله ، أنه طهارة القلب وزكاة النفس والعمل ، أنه يمنع وصول أثر السهم المسموم ؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، تعويض من غض بصره بحلاوة الإيمان في القلب ، أنه يخلص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير هواه وشهواته ...
فليراجع .
وفي جواب السؤال رقم ( 20229 ) بعض الوسائل المعينة على غض البصر ، ومنها :
استحضار اطلاع الله عليك ، ومراقبة الله لك ، الاستعانة بالله والانطراح بين يديه ودعائه ، مجاهدة النفس وتعويدها على غض البصر والصبر على ذلك ...
فليراجع .
وفي جواب السؤال رقم ( 23425 ) بعض آثار المعصية على صاحبها ، ومنها :
حرمان العلم ، حرمان الرزق ، وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ، وبينه وبين الناس ، تعسير أموره عليه ، وأن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، حرمان الطاعة ، وأن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، وأن المعاصي تُضعف القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ، وأنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ، ولا كلامهم فيه فليراجع .
وفي جوابنا على سؤال رقم ( 33651 ) ذكرنا طرق مواجهة فتنة النساء .
ومما يحزننا أن زوجك من حفظة القرآن الكريم ، فأين تأثير القرآن عليه ؟
ونرجو أن يقرأ ما ذكرناه هنا وما أحلنا عليه من أجوبة ، فلعل الله تعالى أن يهدي قلبه ويهذِّب جوارحه إلى ما يحبه ربه ويرضاه .
ونزيد هنا لأخينا شيئين :
الأول : أن يستعين بالله تعالى بطاعته ودعائه ليتخلص مما ابتليَ به ، فقد سئل الشيخ محمد العثيمين عمن أصيب بهذا المرض فأجاب بقوله :
وهذا الرجل الذي ابتلي هذه البلية - نسأل الله أن يعافيه منها - هذا لا شك أنه يفعل المحرم ، فإن النظر سهم من سهام إبليس - والعياذ بالله - ، وكم من نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلاء ، فصار - والعياذ بالله - أسيراً لها ، كم من نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيراً في عشق الصور ، ولهذا يجب على الإنسان إذا ابتلي بهذا الأمر أن يرجع إلى الله عز وجل بالدعاء بأن يعافيه منه ، وأن يعرض عن هذا ، ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من المُرد ، وهو مع الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه ، وسؤال العافية من هذا الداء سوف يزول عنه إن شاء الله تعالى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 20 / السؤال رقم 448 ) .
ومن الأدعية المناسبة هنا :
عن شكل بن حميد قال : أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا نبي الله علِّمني تعوذاً أتعوذ به ، فأخذ بيدي ثم قال : قل : " أعوذ بك من شر سمعي وشر بصري وشر لساني وشر قلبي وشر منيي " قال : حتى حفظتها .
والمني : ماؤه ، أو فرجه .
رواه الترمذي ( 3492 ) والنسائي ( 5444 ) وأبو داود ( 1551 ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والأمر الثاني : أن يعلم أنه قد يُختم له بشرِّ أعماله ، فيقبض الله تعالى روحه وهو ينظر إلى ما حرَّم الله تعالى عليه ، فكيف سيكون حاله يوم يبعث الله من في القبور ؟ وكيف سيلقى ربه تعالى وقد ختم له بمثل هذا .
ونسأل الله تعالى أن يصلح حاله ، ويهدي قلبه وجوارحه .
ولينظر جواب السؤال : ( 33651 ) فهو مهم .
ومن المهم أن تنظري في جواب السؤال رقم ( 7669 ) ففيه بيان كيف تتعامل الزوجة مع زوج يشاهد الأفلام الجنسية ولا يُعطيها حقّها .
والله أعلم .