عنوان الفتوى : الأحكام المتعلقة بالسقط إذا كان له شهران
هذه الرسالة وردتنا من شريفة طالع من قرية الخلفة بتهامة بني شهر تقول فيها: لي جارة حملت وسقط حملها بعد شهرين، ولا يعرف هل هو ذكر أو أنثى، وقد دفن في جانب من الحارة ولم يدفن في مقبرة المسلمين، فما حكم هذا الدفن؟ play max volume
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالمرأة إذا أسقطت جنيناً فيه تفصيل: إن كان الجنين دماً محضاً هذا ما يسمى جنين، ولا يسمى نفاس الدم الخارج بسببه ولا يكون لها حكم النفساء، بل عليها أن تصلي وأن تصوم وتحل لزوجها؛ لأن هذا لا يسمى نفاس مادام ابن شهرين أو ابن ثلاثة أشهر، هذا في الغالب ما يتخلق هذا يكون دماً فاسداً، هذا الدم يكون دماً فاسداً، وتصلي وتصوم، والدم المجتمع الذي سقط يدفن في أي مكان، في البيت أو في الحوش ما يذهب إلى المقابر ما في حاجة، لأن هذا ليس بإنسان، وعليها أن تصلي وأن تصوم، وتعتبر هذا الدم دماً فاسداً مثل دم اللي يخرج من الجراحات الأخرى، دماً فاسداً لا يمنعها من الصلاة والصوم، ولا يمنع زوجها من غشيانها؛ لأنه دم فاسد لا يسمى نفاساً، ولا يسمى حيضاً.
أما إن كان الدم قد اجتمع فيه لحمة - تجمع منه لحمة - وفيها خلق إنسان - ولو خفي - مثل رأس.. رجل.. يد، إذا علم ذلك علمت ذلك المرأة أو القابلة لها التي عندها الثقة أن هذا اللحم فيه خلق الإنسان هذا يسمى ولد ويعتبر نفاس، فليس لها حينئذٍ أن تصلي ولا أن تصوم وليس لزوجها أن يقربها، يعني: أن يطأها؛ لأنها نفساء مادامت اللحمة التي خرجت فيها خلق الإنسان، ولو ما مضى عليها أربعة أشهر في اعتقادها لأن الجنين قد يخلق فيه قبل ذلك، والغالب أنه لا يخلق إلا في الطور الثالث بعد المضغة، لكن جاء ما يدل في بعض الأحاديث على أنه قد يقع قبل ذلك، فالحاصل أنه إذا كان فيه خلق الإنسان يعتبر نفاس، وعليها أن تمتنع من الصلاة والصوم وعلى زوجها أن يمتنع من قربانها.. من غشيانها حتى تطهر، فإذا طهرت -ولو لعشرة أيام أو عشرين يوم- تباح لزوجها، ليس من شرط الطهارة أن تكمل أربعين، لا، لو طهرت وهي بنت عشرين أو بنت ثلاثين فالطهارة صحيحة تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وليس للنفاس حد محدود -قبل الأربعين يعني- ليس له حد محدود؛ لأن النساء يختلفن، فقد تطهر المرأة لشهر وتطهر لخمسة وعشرين يوماً قد تطهر لأقل من ذلك، أو لأكثر من ذلك كل هذا واقع، والحكم مناط بالطهارة بانقطاع الدم ورؤية الطهارة، فإذا رأت الطهارة بانقطاع الدم ورؤية ما يدل على الطهارة بأن ترى الماء الأبيض أو بأن تحتشي بقطنة في فرجها ونحوها من البياض؛ فلا يتأثر، تخرجها ما تأثرت بشيء، هذه علامة الطهارة، فتغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولو أنها ما مضى عليها من النفاس إلا عشرون يوماً أو ثلاثون يوماً.
فإن استمر الدم حتى كملت الأربعين والدم معها فإن هذا الدم الزائد يعتبر دماً فاسداً من الأربعين، وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتحفظ في هذا الدم بالقطن ونحوه، وتوضأ لكل وقت لكل صلاة كما تفعل المستحاضات، المستحاضات غير الحيض، المستحاضات الذين يستمر معهن الدم بعد الحيض، والحيض شيء والمستحضات شيء آخر، فالحيض هن اللاتي يجلسن وقت الحيض المعتاد يقال لها: حائض التي يأتيها الدم في وقتها المعتاد ويعتبر دمها حيضاً هذه تسمى حائض لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها والمستحاضة هي التي تصاب بدم زائد على الحيض يستمر معها، هذا الدم الزائد يسمى استحاضة إذا جاء تغتسل وتصلي وتصوم، وإذا جاء وقت الحيض المعتاد وقفت عن الصلاة والصوم وحرمت على زوجها حتى تنتهي أيام الحيض.
فهذه النفساء كذلك مثل الحائض في وقت النفاس -وقت الدم بالنفاس- لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، فإذا ذهب هذا الدم لشهر أو عشرين يوماً طهرت واغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، ولو ما كملت الأربعين، وهذا الدم الذي ليس فيه خلق الإنسان ليس له حكم الولد؛ لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، كل هذا، أما إذا كان فيه خلق الإنسان فإنه يعتبر جنيناً ويكون لها حكم النفاس، لكن إذا كان ما نفخت فيه الروح -ما تحرك من بطن أمه- لا بأس أن يدفن في عرض البيت يحفر له في الحوش ويدفن لا حرج؛ لأنه ما صار له حكم الأموات حينئذٍ ما نفخت فيه الروح، ما بعد تحرك ببطن أمه، ليس له حكم الأموات، لكن له حكم الإنسان في وجوب النفاس في حكم النفاس فقط.
أما إذا نفخت فيه الروح تحرك ثم ولدته ميتاً أو حياً ثم مات هذا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، هذا الذي ينبغي، هذا هو تفصيل هذه المسألة. نعم.